طغيانهم وعتوهم توقيره وتبجيله وفي ذلك يقول الزهري : « ما عرفت له صديقاً في السر ولا عدواً في العلانيّة ؛ لأنّه لا أحد يعرفه بفضائله الباهرة إلّا ولا يجد بداً من تعظيمه ، من شدّة مداراة علي بن الحسين عليهما السلام ، وحسن معاشرته إيّاه ، وأخذه من التقيّة بأحسنها وأجملها » (١).
١٨ ـ التقيّة المداراتية تغلق منافذ التشكيك التي يتسلل منها أعداء الحق لترويج الباطل بنحو أن الشيعة لا يصلون المغرب حتى تشتبك النجوم وغير هذا من المزاعم التي ما أنزل الله بها من سلطان.
فبمعاشرتهم للمخالف ومخالطتهم إيّاه سيعرف الحق ، ولن يكون هناك مجال لاغرائه بالباطل من جديد.
ونكتفي بهذا القدر من فوائد التقيّة التي تكشف عن أهميتها ودورها الايجابي في حياة الفرد والمجتمع ، لننتقل إلى بيان الفرق بينها وبين النفاق.
المبحث الثالث
الفَرقُ بين التقيّة والنفاق
حينما نقول : إنّ في التقيّة عز المؤمن ، فلا شك أن في النفاق ذل المنافق ، وحينما نقول : إنّ في التقيّة المداراتية يلمُّ شمل المسلمين وتأتلف قلوبهم ، فلا شكّ أن في النفاق فرقتهم وشرذمتهم وزرع العداوة والبغضاء في ما بينهم.
____________
(١) مستدرك الوسائل ١٢ : ٢٦٢ / ٤ باب ٢٧ من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.