آلاف رجل إلى المدينة ثم مكّة ثم صنعاء ليدخل الرعب في نفوس المسلمين ، فطبق وصيته حتى أنّه خطب بأهل المدينة وشتمهم قائلاً : يا معشر اليهود وأبناء العبيد.. أما والله لأوقعن بكم وقعة تشفي غليل صدور المؤمنين.. ودعا الناس إلى بيعة معاوية فبايعوه ،.. وتفقد جابر بن عبدالله..
فانطلق جابر بن عبدالله الانصاري إلى أُم سلمة زوج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : إنّي خشيت أن أقتل ، وهذه بيعة ضلال ؟
قالت : « إذن فبايع ، فإن التقيّة حملت أصحاب الكهف على أن كانوا يلبسون الصلب ، ويحضرون الأعياد مع قومهم » (١).
ونظيرها في رواية ابن أبي الحديد أيضاً (٢).
هذا الرجل الصحابي كان معروفاً بالمداراة ، حتى قال السرخسي الحنفي في مبسوطه : « وقد كان حذيفة رضياللهعنه ممن يستعمل التقيّة على ما روي أنه يداري رجلاً ، فقيل له : إنّك منافق !! فقال : لا ، ولكني اشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كلّه » (٣).
أخرج ابن الأثير في أُسد الغابة في ترجمة جندع الانصاري الأوسي بسنده عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري قال : « سمعت سعيد بن
____________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٩٧ ـ ١٩٩ ، دار صادر ، بيروت.
(٢) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ٢ : ٩ ـ ١٠ ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، ط ٢ ، دار احياء التراث العربي ، بيروت / ١٣٨٥ هـ.
(٣) المبسوط / السرخسي ٢٤ : ٤٦ ، من كتاب الإكراه.