وقد قيدها الفقهاء بما إذا لم يبلغ الخطر النفس ، أما اذا خيف القتل عند الاكراه عليها ، فالتقيّة جائزة فيها.
ونعني بها التقيّة الاكراهية التي يكون الاكراه فيها فاقداً لبعض أركانه ومقوماته التي سبق بحثها في الفصل الأول ، إذ اتفق الفقهاء على ان للاكراه أربعة أركان ، وأنه لايكون الاكراه ملجئاً للتقية إلّا مع توفرها جميعاً ،
وأما لو فقد بعضها أو واحداً منها فسيكون لغواً لا تجوز معه التقيّة ، فلو أكرَه انسانٌ آخرَ على ارتكاب محرم وكان ذلك الإنسان عاجزاً عن تنفيذ تهديده ووعيده ، وعلم أو ظن المكره بهذا فلا تجوز له التقيّة ، وكذلك لو كان الإتيان بالمكرَه عليه غير منجٍ من الضرر المتوعد به ، ومثله لو كان المكرَه به تافهاً وحقيراً والفعل المطلوب جسيماً وخطيراً.
فالشرط إذن في صحة التقيّة الاكراهية هو اجتماع أركان الاكراه الأربعة وتحققها جميعاً ، وأما لو فقد واحد منها أو أكثر فلا تصح التقيّة الاكراهية إذ لا اكراه حينئذ.
من الثابت ان التقيّة في دين الإسلام تجوز في كل ضرورة إلّا ما خرج عن ذلك بدليل معتبر كما مرَّ في أدلة التقيّة ومشروعيتها ، ولما كانت الضرورات تقدر بقدرها فلا ضرورة بحق الزيادة إذن.
فمن اضطرته التقيّة مثلاً على ارتكاب شيء محرم فعليه أن يقتصر على مقدار وجنس ما يراد ارتكابه من ذلك الشيء المحرم من غير زيادة.
فلو أكرَه السلطان الجائر مسلماً على
أكل قطعة واحدة من اللحم