ومن نقاط الاتفاق الواضحة بينهما هو أن الضرورة تجعل المحظور مباحاً كما مرَّ في قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) ، وكذلك الحال مع الاكراه ، إذ يبيح ارتكاب بعض المحرمات ، ومنها المساس بحقوق الآخرين.
وعلى هذا الوجه يدخل الاكراه في مفهوم الضرورة العام الذي يعني تحققها بمجرد حلول خطر لا يندفع إلّا بمحظور (١).
ومن هنا يتبين عدم الفرق بينهما من جهة الملاك ، لأنّ ملاكهما واحد ، وهو رفع الضرر الأهم بارتكاب ترك المهم (٢).
ولهذا علّل بعض فقهاء القانون الوضعي انتفاء المسؤولية في حالة الضرورة بفكرة الاكراه ؛ لأنَّ من يكون في حالة ضرورة هو مكره على الفعل الذي يخلصه منها ، وكثير منهم قرن أحدهما بالآخر (٣).
وبهذا العرض الموجز عن الاكراه وصلته بالضرورة والتقيّة ، نعود إلى الحديث عن التقيّة لنتعرف أولاً على أصولها ومصادرها التشريعية عبر بيان أدلتها من القرآن الكريم والسُنّة المطهّرة ، ودليل العقل والإجماع.
____________
(١) راجع : الضرورة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي / الدكتور محمد محمود عبدالعزيز الزيني : ٥٩ ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الاسكندرية / ١٩٩٣ م.
(٢) راجع القواعد الفقهية / ناصر مكارم الشيرازي ٢ : ١٩.
(٣) راجع الإحكام العامة في قانون العقوبات / الدكتور السعيد مصطفى السعيد : ٤١٧ ، وشرح قانون العقوبات القسم العام / الدكتور محمود المصطفى : ٣٢٦ نقلاً عن الضرورة للدكتور محمد محمود الزيني : ٢٢٣.