أخرج البخاري من طريق قتيبة بن سعيد ، عن عروة بن الزبير ، أن عائشة أخبرته أن رجلاً استأذن في الدخول إلى منزل النبي فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إئذنوا له فبئس ابن العشيرة ، أو بئس أخو العشيرة ، فلما دخل ألان له الكلام ، فقلت له : يا رسول الله ! قلت ما قلت ثم ألِنتَ له في القول ؟ فقال : أي عائشة ، إنّ شرَّ الناس منزلة عند الله من تركه أو وَدَعَهُ الناس اتقاء فحشه » (١).
ونظير هذا الحديث ما أخرجه الطبراني من حديث ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : (كنّا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأقبل رجل من قريش ، فأدناه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقرّبه ، فلمّا قام ، قال : « يا بريدة أتعرف هذا » ؟
قلتُ : نعم ، هذا أوسط قريش حسباً ، وأكثرهم مالاً ؛ ثلاثاً ، فقلت : يا رسول الله أنبأتك بعلمي فيه ، فأنت أعلم.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « هذا ممن لايقيم الله له يوم القيامة وزناً » (٢).
وهذان الحديثان يكشفان عن صحة ما سيأتي في تقسيم التقيّة ، وأنها غير منحصرة بكتمان الحق وإظهار خلافه خوفاً على النفس من اللائمة
____________
سورة آل عمران.
(١) صحيح البخاري ٨ : ٣٨ كتاب الأدب ، باب المداراة مع الناس. وسنن أبي داود ٤ : ٢٥١ / ٤٧٩١ و ٤٧٩٢ و ٤٧٩٣. وسنن الترمذي ٤ : ٣٥٩ / ١٩٩٦ باب ٥٩ وقال (هذا حديث حسن صحيح). ومسند أحمد ٧ : ٥٩ / ٢٣٨٥٦ ، والطبعة الاُولى ٦ : ٣٨. واُنظر : اُصول الكافي ٢ : ٢٤٥ / ١ كتاب الايمان والكفر ، باب من يتقى شرّه.
(٢) المعجم الأوسط / الطبراني ٢ : ١٦٥ / ١٣٠٤. ومجمع الزوائد / الهيثمي ٨ : ١٧.