وبوجوب دفع الضرر عن النفس ، وبحرمة ادخاله على الغير.
فالعقل له القدرة في أن يحكم بهذه الكليات العامة وما إليها حكماً مستقلاً ، حتى وإن لم يرد فيها نص شرعي ، ونحن نكتشفها ونطبقها على مواردها دون أيّة واسطة. وأما ما جاء في لسان الشارع من الأحكام في الموارد التي استقل العقل بها فمحمول على الارشاد والتأكيد لحكم العقل ، لا على التأسيس والتجديد ، ومن هذه الموارد :
١ ـ حكم العقل بالاحتياط : كما لو كان لديك اناءان : أحدهما طاهر ، والآخر نجس ، ولم تستطع التمييز بينهما ، أو تيقنت أنه قد فاتك فرض العشاء أو المغرب ولم تميز أحدهما.
ففي مثل هذا الحال يحكم العقل بوجوب الاحتياط باجتناب الانائين في المثال الأول ، وباداء الصلاتين في المثال الثاني. ولهذا اشتهر عن الفقهاء قولهم : (العلم باشتغال الذمة يستدعي العلم بفراغها).
٢ ـ حكم العقل بالبراءة : كما لو كانت هناك قضية لدى الفقيه لا يعرف حكمها هل هو الفعل أو الترك ؟ بعد أن استفرغ ما في وسعه للبحث عنها في جميع أدلة الاحكام ، ومع هذا لم يجد شيئاً في خصوص تلك القضية.
فهنا يلجأ الفقيه إلى العقل الذي يحكم في مثل هذه الحالة التي لم يصل بها بيان من الشارع بقبح العقاب بلا بيان ، وبناء على هذه القاعدة العقلية يحكم الفقيه بجواز الأمرين : الفعل والترك.
ومن هنا يتضح أن الفرق بين الاحتياط والبراءة العقليين ، هو أن مورد الاحتياط هو الشك في المكلف به بعد العلم بوجود التكليف ، ومورد البراءة هو الشك في أصل وجود التكليف.
٣ ـ حكم العقل بدفع الضرر :
قسّم الفقهاء الضرر على قسمين ،