والصحيح من الأقوال : إنّه الطريق الموصل إلى العلم القطعي ، والسبيل إلى معرفة حجية القرآن ودلائل الأخبار (١).
فالعقول وإن كان لها قابلية الادراك ، إلّا أن ادراكها يتناول الكليات ولايتعدى إلى الجزيئات والفروع التي تحتاج إلى نص خاص بها ، وهذا لا يمنع من أن يدرك العقل السليم خصائص كثيرة في تفسير النصوص بشرط أن لا يكون خاضعاً لتأثيرات اُخرى تصده عن الوصول إلى الواقع ، كما لو ناقش في الأوليّات والبديهيات ولم يفرق بين قبح الظلم وحسن العدل مثلاً.
كما لا يمنع أيضاً من أن يستقل ببعض الأحكام ، إذ لو عُزل العقل عن الحكم لهدم أساس الشريعة ، غير أنّه لا يتعرض للتفاصيل والاشياء الخارجية ولا يتخذ منها موضوعات لاحكامه ، وإنما يحكم بأمور كلية عامّة كما مرّ.
فهو مثلاً لا يحكم بوجوب الصوم والصلاة ، وإنّما يحكم باطاعة الشارع المقدس وامتثال أوامره التي منها الأمر بالصوم والصلاة.
وهو لا يتعرض للبيع والإجارة والزواج والطلاق ، بل يقرّ كل ما يصلح الجميع ويحفظ النظام العام.
وهو لا يحلل هذا أو يحرم ذاك ، وإنّما يحكم بقبح العقاب بلا بيان ،
____________
في ردّه عن محيط الزركشي قوله : (إنّ المعتزلة لا ينكرون ان الله هو الشارع للاَحكام والموجب لها ، والعقل عندهم طريق إلى العلم بالحكم الشرعي).
(١)
التذكرة باُصول الفقه / الشيخ المفيد : ٢٨ ، مطبوع ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد
في المجلد التاسع ، ط ٢ ، دار المفيد ، بيروت / ١٤١٤ هـ. وقد نقله عنه الكراجكي في
كنز الفوائد ٢ : ١٥ ، دار الأضواء ، بيروت / ١٤٠٥ هـ ، إذ أورد فيه مختصر التذكرة باُصول الفقه
للشيخ المفيد