كلمة المركز :
الحمد لله الواحد الأحد الذي تطمئن القلوب بذكره ، والصلاة والسلام على أبي القاسم محمد أشرف أنبياء الله ورسله ، وعلى آله المنتجبين أولي الألباب والنهى ، وعدل الكتاب المطهرين بمحكمه وكفى.
أما بعد.. فإنّ نشر مفاهيم الإسلام ، ومحاولة تصحيح النظر إلى بعضها عبر وسائل التثقيف الإسلامي الصحيح بالدعوة إلى اتباع القرآن الكريم ، والسُنّة المطهّرة ، يتطلب معرفة تلك المفاهيم وموقف الدين الإسلامي منها ، ووضعها في مكانها الصحيح بعد تشخيص موقعها من الفكر الديني ، وعمق تاريخها فيه ، وعلاقتها بديمومة ذلك الفكر وصلاحيتها للامتداد في كلِّ آن وزمان ، وقابليتها على استيعاب ما يفرزه تطور الحياة من مشاكل ومستجدات لوضع الحلول الشافية لها.
وإذا ما ثبت أنها من الدين ، فلا شكّ سيكون التعرض لها بحاجة إلى إجادة الدفاع عن كرامة الدين الحنيف والذب عن حماه من خلال التعريف المتين بمفاهيمه الراقية التي جاءت لخدمة الإنسان وبناء مجتمع حر كريم ، مع رصد سائر القنوات التي تصب فيها دسائس المغرضين وشبهات المغفلين لقلع جذورها بالحجج الدامغة ؛ لكي لا تكون وسيلة لضلالة من لم يعِ وجه الحق فيها.
ولعلَّ من بين تلك المفاهيم التي نطق بها القرآن الكريم والسُنّة المطهّرة هو مفهوم التقيّة الذي لم ينحصر في الواقع بدين الإسلام؛ بل عرفته الأديان السماوية كلّها ، وطبّقته سائر المجتمعات البشرية منذ أقدم العصور وإلى يوم الناس هذا ، لانسجامه التام مع مقتضى العقول وفطرة الإنسان في الحفاظ على كيانه ، بل مع فطرة الحيوان أيضاً كما هو المشاهد في سعي جميع الحيوانات نحو البقاء وهروبها من أسباب الفناء.
فالتقيّة
إذن لم تكن قاعدة فقهية ، أو مبدأً إسلامياً صرفاً فحسب ، وإنّما هي كذلك قاعدة عقلية جبلت عليها العقول السليمة ، فحكمت بضرورة تجنب الضرر شخصياً كان أو نوعياً ، ومن هنا أصبح موقف الإسلام من التقيّة موقف المؤيد والمساند لا المؤصّل والمشرّع ، وما جاء في القرآن الكريم والسُنّة الثابتة بشأن
التقيّة