وبكلمة اخرى ان باب العلم بتلك الاحكام منسد وهكذا باب العلمي (١). اما انسداد باب العلم فهو بديهي ، اذ لا يمكن لفقيه ان يدعي تمكنه من تحصيل العلم بغالب الاحكام ، اجل بعض الاحكام معلوم كوجوب الصلاة والصوم لكنه مقدار قليل والمدعى ان المعظم ليس معلوما. واما انسداد باب العلمي فنحن نفترض ذلك ، فانّه عند الاستدلال بدليل الانسداد نفترض عدم حجية خبر الثقة والا لم تصل النوبة الى دليل الانسداد. ومع انسداد باب العلم والعلمي فلا يمكن تحصيل العلم بمواطن تلك المحرمات والواجبات.
لا تقل : اذا كان باب العلم والعلمي منسدا فكيف ادعي في المقدمة الاولى العلم اجمالا بوجود واجبات ومحرمات.
فانه يقال : ان علمنا بذلك وليد الاعتقاد بالشريعة الاسلامية ، فان لازم الشريعة هو الاشتمال على واجبات ومحرمات كما ذكرنا سابقا.
٣ ـ ان المحرمات والواجبات اذا كانت باقية الى يوم القيامة فكيف نمتثلها مع فرض عدم علمنا التفصيلي بها؟ قد يقال يمكن امتثالها عن طريق الاحتياط بان نأتي بكل فعل نحتمل وجوبه ونترك كل فعل نحتمل حرمته ، وبذلك نكون قد حصلنا على الموافقة القطعية ، ولكنه باطل ، لان الاحتياط التام في جميع الوقائع يستلزم العسر والحرج وقد قال تعالى : « ما جعل عليكم في الدين من حرج ».
٤ ـ وقد يقال نرجع الى الاصول العملية الجارية في كل واقعة ، فان كان الاصل الجاري هو البراءة اخذنا به وان كان هو الاستصحاب اخذنا به وهكذا ، ولكنه باطل ايضا ، اذ الاصول لا يمكن ان تجري مع وجود العلم الاجمالي.
٥ ـ واذا كان التكليف ثابتا بمقتضى المقدمة الاولى ولم يمكن العلم به تفصيلا
__________________
(١) ومن اجل هذه المقدمة سمي هذا الدليل بدليل الانسداد