بمقتضى المقدمة الثانية ولم يجب الاحتياط بمقتضى المقدمة الثالثة ، ولم يجز الرجوع الى الاصول العملية بمقتضى المقدمة الرابعة فماذا نفعل؟ ان العقل يقول اذا حصل ظن بالوجوب كان اللازم الاخذ به ، اذ لو لم نأخذ به تعين الاخذ بالطرف الموهوم وهو احتمال عدم الوجوب ، وبما انه يقبح ترجيح المرجوح على الراجح فاللازم الاخذ بالظن ، وهذا هو المطلوب ، اذ كنا نقصد اثبات حجية الظن. واذا ثبتت حجيته ثبتت بذلك حجية خبر الثقة لانه احد مصاديق الظن (١). هذه هي حصيلة دليل الانسداد. ويمكن مناقشتها بما يلي :
ا ـ انا لا نسلم المقدمة الثانية التي تقول ان باب العلم والعلمي منسد ، فان باب العلم وان كان منسدا الا ان باب العلمي مفتوح ، اذ اثبتنا سابقا حجية خبر الثقة بآية النبأ والسيرة والطائفة العاشرة من الاخبار ، ومن الواضح ان اخبار الثقات وافية بمعظم الاحكام.
ب ـ لا نسلم المقدمة الاولى التي تقول ان لنا علما اجماليا بثبوت الاحكام في مجموع الوقائع ، اذ يمكن ان ندعي ان هذا العلم الاجمالي في مجموع الوقائع منحل بالعلم الاجمالي في دائرة اخبار الثقات.
وتوضيح ذلك : ان مجموع الوقائع ـ الا ما شذ ـ مشتبهة الحكم ، وهي كثيرة جدا (٢) ، ولنقرض ان عددها (١٠٠٠) واقعة. وهذه الوقائع نجزم بان حكم
__________________
(١) وقد وقع الخلاف بين الاصوليين في انه بعد تمامية دليل الانسداد هل يحكم العقل بحجية الظن او انه لا يحكم هو بذلك بل يستكشف ان الشارع قد جعل الظن حجة ، فعلى الاول تكون حجية الظن حكما عقليا ويسمى ذلك بمسلك الحكومة ، وعلى الثاني تكون حجية الظن حكما شرعيا ، ويسمى ذلك بمسلك الكشف
(٢) لا تقل : ان مجموع الوقائع ليست مشتبهة الحكم بل اكثرها معلوم ، فنعلم ان شرب الشاي ـ