والجواب : ان قلنا برجوع الوجوب التخييري الى وجوب الجامع كان شكنا راجعا الى الشك في اننا هل مخيرون بين الاطعام والصيام او ان الصيام متعيّن ، فان الصيام لو كان واجبا مخيرا فمعناه ان الواجب هو الجامع ، وبوجوب الجامع نصير مخيرين بين الاطعام والصيام ، بينما لو لم يكن الصيام واجبا مخيرا بل كان واجبا معينا فلازمه عدم إجزاء الاطعام وتعين الصيام ، فالمقام على هذا يكون من مصاديق دوران الأمر بين التعيين والتخيير فتجري البراءة عن التعيين باعتبار انه خصوصية توجب التضييق والكلفة على المكلّف وأصل البراءة ينفي كل كلفة وضيق مشكوك (١). هذا بناء على رجوع الوجوب التخييري الى وجوب الجامع.
واما بناء على رجوعه الى وجوبين مشروطين فعند تحقق الاطعام يحصل الشك في وجوب الصيام اذ ما دمنا نحتمل كون الصيام واجبا مخيرا فلازمه ـ بناء على الرأي المذكور ـ احتمال كون وجوبه مشروطا بعدم تحقق الاطعام فاذا تحقق حصل الشك في وجوبه فتجري البراءة عنه.
وباختصار : ان تحليل حقيقة الوجوب التخييري يساعد على تحديد كيفية
__________________
ـ الوجوب التخييري؟ توجد في ذلك عدة اراء نذكر منها اثنين :
أ ـ انه يرجع الى وجوب الجامع فكأنه قيل ان فطرت وجب عليك الجامع اي احدهما ، وبعد وجوب احدهما يحكم العقل بالتخيير بين الفردين ، اذن بناء على هذا الرأي يرجع الوجوب التخييري الى كون الواجب شرعا هو الجامع والعقل يخير بين الفردين.
ب ـ انه يرجع الى وجوبين مشروطين شرعيين فكأنه قيل : ان لم تصم فاطعم وان لم تطعم فصم. ويشكل عليه بان لازمه استحقاق المكلّف لعقابين عند تركه الصيام والاطعام معا ـ لانه حينما يترك الصيام يصير الاطعام واجبا عليه وهكذا حينما يترك الاطعام يصير الصيام واجبا عليه ، والمفروض مخالفته لكلا الوجوبين ـ وهو باطل بالوجدان ، فان تارك الواجب المخير لا يستحق الا عقابا واحدا.
(١) وهناك رأي يقول : ان مورد الشك بين التعيين والتخيير لا تجري فيه البراءة عن خصوصية التعيين بل يجري الاشتغال ، ولكن هذا الرأي لا يؤثر على بحثنا فانا نريد ان نقول بناء على جريان البراءة فهي تجري لنفي خصوصية التعيين.