مفعول الا بعد تناول الطعام ، فتناول الطعام اذن شرط لترتب المصلحة لا لأصل وجودها ، ولذا قد يتناول المريض احيانا الطعام قبل حلول الموعد لا لغرض سوى استعمال الدواء ، فلو لم يكن استعمال الدواء قبل الاكل ذا مصلحة فلماذا تناول الطعام قبل الموعد المقرر (١).
وكما كان للمصلحة شرطان شرط لأصل الاتصاف بالمصلحة وشرط لترتبها فكذا الارادة التي هي المرحلة الثانية من مراحل الحكم لها الشرطان المذكوران احدهما المرض المعبر عنه بشرط الاتصاف وثانيهما بعدية الطعام المعبّر عنها بشرط الترتب ، بيد ان المرض شرط لنفس الارادة بمعنى ان الانسان قبل ان يمرض لا ارادة له لاستعمال الدواء وانما تحدث بعد ذلك ، وهذا بخلافه في بعدية الطعام فانها ليست شرطا لنفس الارادة والا لم تكن للمريض ارادة لاستعمال الدواء قبل تناول الطعام والحال ان الوجدان على خلاف ذلك ، فهو يريد استعمال الدواء حتى قبل ان يأكل ، ولذا قد يأكل وجبة الطعام قبل موعدها المقرر لا لغرض سوى استعمال الدواء بعدها ، فلو لم تكن ثابتة قبلا فلماذا الاندفاع نحو الطعام قبل الموعد المقرر.
وقد تسأل : اذا لم تكن بعدية الطعام شرطا لنفس الارادة فهي شرط لأي شيء؟ انها شرط للمراد اي لاستعمال الدواء ، فالانسان حينما يمرض يريد استعمال الدواء ولكن لا يريد استعماله المطلق بل المقيد بما بعد الطعام ، فبعدية الطعام قيد لاستعمال الدواء الذي هو المراد (٢).
٤ ـ وبعد اتضاح ان المرض شرط لنفس الارادة بمعنى انه قبل المرض لا
__________________
(١) وقد اشار قدسسره لهذه النقطة بقوله : « وفي كل من هذه المراحل الثلاث ... الخ »
(٢) وقد اشار قدسسره لهذه النقطة بقوله : « وشروط الاتصاف تكون شروطا لنفس الارادة ... الخ »