اذا لم يكن مشروطا بالتبين فلازمه جواز العمل به بلا حاجة الى تبين وهو المطلوب.
هذا ويمكن ان يقال : ان هذا المقدار لا يكفي لتمامية الاستدلال بالآية ، اي ان مجرد عدم اشتراط جواز العمل بالتبين لا يدل على الحجية ، اذ حينما نقول : جواز العمل بخبر العادل ليس مشروطا بالتبين ففيه احتمالان :
١ ـ ان يكون المقصود : يجوز العمل بخبر العادل بلا حاجة الى تبين ، ولازم هذا حجية خبره. وهذا الاحتمال هو الذي فهمه الشيخ الاعظم ، وعلى اساسه اعتقد تمامية دلالة الآية على حجية خبر العادل.
٢ ـ ان يكون المقصود : لا يجوز العمل بخبر العادل حتى مع التبين فانه اذا لم يجز العمل به حتى مع التبين صدق ان جواز العمل بخبر العادل غير مشروط بالتبين. وهذا نظير ان يقال : جواز اكل لحم الخنزير ليس مشروطا بالمرض فان في ذلك احتمالين ، فيحتمل كون المقصود يجوز الاكل وان لم يكن هناك مرض ، كما ويحتمل ان يكون المقصود لا يجوز الاكل حتى مع افتراض المرض ، اذ على كلا الاحتمالين يصدق ان جواز الاكل غير مشروط بالمرض.
والى هنا اتضح ان الوجوب لو كان شرطيا فالاية بمفهومها تدل على ان جواز العمل بخبر العادل ليس مشروطا بالتبين ، واتضح ان في ذلك احتمالين احدهما يلائم الحجية والآخر لا يلائمها ، وبعد هذا نأخذ بابطال الاحتمال الثاني ـ ليتعين الاحتمال الاول الملائم للحجية ـ بوجهين :
١ ـ ان خبر العادل اذا لم يجز قبوله حتى بعد التبين يلزم ان يكون حال العادل اسوء من حال الفاسق ، اذ الفاسق بعد التبين عن خبره يجوز العمل بخبره ، فاذا فرض ان العادل لا يجوز العمل بخبره حتى بعد التبين لزم كون حاله اسوء.