واما البيان الثاني فلانا لا نسلم ان غاية الواجب واجبة بل لربّ شيء يكون واجبا ولا تكون غايته واجبة كما لو فرض ان غاية معينة تحصل بمجموعة اشياء وفرض ايضا ان صبّ الوجوب على تلك الغاية يلزم منه العسر والحرج ولكن لا يلزم من صبه على بعض تلك الاشياء التي تحصل بها الغاية ، ففي مثله لا بد من توجيه الوجوب الى ذلك الشيء الذي تحصل به الغاية ولا يلزم من وجوبه الحرج من دون توجيهه الى نفس الغاية حذرا من الحرج ، وعند ذلك يصير الشيء واجبا دون ان تصير غايته واجبة. ولتوضيح ذلك نذكر المثال التالي : ان تنظيف الاسنان يحصل بمجموعة اشياء : استعمال المسواك ، واستعمال معجون الاسنان ، واستعمال ماء الملح ، ان هذه الثلاثة اذا اجتمعت تحصل نظافة الاسنان بشكل كامل ، ولكن توجيه الوجوب لها جميعا يلزم منه العسر على المكلف ، بخلاف توجيهه الى خصوص استعمال المسواك فلا يلزم منه ذلك ، وفي مثله لا يوجه الحاكم الوجوب الى الغاية ـ اي تنظيف الاسنان ـ لان لازمه وجوب الاشياء الثلاثة جميعا وذلك يلزم منه العسر بل يوجهه الى استعمال المسواك فقط ، ومعه فاستعمال المسواك يصير واجبا بدون ان تصير غايته واجبة. وان شئت قلت : ان المولى في مثل هذه الفرضية لا يسد باب عدم الغاية ـ وهي التنظيف ـ سدا كاملا ، اذ لازم السد الكامل توجيه الوجوب اليها ـ الغاية ـ وقد فرضنا ان توجيهه اليها يلزم منه الحرح ، فلا بد وان نفترض انه يسد بابا من ابواب عدم الغاية وذلك بتوجيه الوجوب الى استعمال المسواك فقط ، فان لازم ذلك سد باب عدم الغاية ولكن لا سدا كاملا بل من جهة استعمال المسواك ، فالتنظيف من ناحية استعمال المسواك واجب ولا يجوز عدمه ، لان الحاكم سد باب عدمه بسبب توجيه الوجوب اليه ـ اي الى استعمال المسواك ـ واما من الناحيتين