جهالته ، ووجه يعرفه العرب ، ووجه تأويله يعلمه العالمون ، ووجه لا يعلم تأويله إلاّ الله ، ومن انتحل فيه علماً فقد كذب » (١).
وروى الثعلبي بسنده عن ابن عباس أنّه قال : « ما من أحد قرأ القرآن ولم يعلم تفسيره إلاّ بمنزلة الأعرابي يقرأ ولا يدري ما هو » (٢).
فتبين ممّا سبق أنّه كان مفسراً ألمعياً جامعاً بين وجوه التفسير التي ذكرها ، إذ كانت له قوة استنباط ونفاذ بصيرة على استيعاب ما أخذه في التفسير من عليّ عليه السلام كما قال ذلك. وبلغت قوة استنباطه أن قال : « لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى » (٣).
ولذلك تهافت عليه التابعون حين رأوه أبعد الباقين من الصحابة نظراً ، وأثقبهم فكراً في تفسير القرآن ، فكان أكثر الصحابة تلاميذ في التفسير وغيره ، وقد مرّت بنا أسماء من عثرنا على روايته عنه ، وهم لاشك يتفاوتون مداركاً وحسن تلقِّ ، وصدق أداء ، فليس سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء مثل عكرمة في الوثاقة ، وإن كان هو أكثرهم لصوقاً بمولاه ، ولكنّه كان يكذب عليه ، وقد مرّ في ترجمته شواهد على ذلك ، وقد نبّهت على أنّ مولى آخر لابن عباس اسمه عكرمة مغمور الذكر معدود في الرواة عن
____________
(١) مقدمة التفسير المطبوع ملحقاً بكتاب تنزيه القرآن على المطاعن للقاضي عبد الجبار ط الجمالية ١٣٢٩ هـ.
(٢) الكشف والبيان ١ / ١٧ ط دار الكتب العلمية.
(٣) الإتقان ٢ / ١٢٦ ط حجازي بمصر.