منها ، دون الإستكثار من شواهدها.
المسألة الأولى : في العام والخاص
هذه مسألة صارت من مسائل علم الأصول الذي هو متأخر زمان وضعه عن عصر ابن عباس ، ولو أردنا البحث عن جذور بداياتها لوجدنا ثمة اختلافاً كثيراً وكبيراً.
فأحمد بن حنبل « ت ٢٥٦ هـ » يقول : « لم يكن يعرف الخصوص والعموم حتى ورد الشافعي ».
وقال الجويني في شرح الرسالة للشافعي : « لم يسبق الشافعي أحد في تصانيف الأصول ومعرفتها ، وقد حكي عن ابن عباس تخصيص عموم » (١).
وقد أعتمد هذه الحكاية عن ابن عباس بعض الباحثين المتأخرين ، فقال : « وهو واضع فكرة الخاص والعام » (٢) ، وهذا وهم منه وممن ذهب إلى هذا ، فإنّ ابن عباس لم يكن مخترعاً لتلك الفكرة كما سيأتي بيان ذلك.
وقد ذهب الجاحظ وهو يتحدّث عن واصل بن عطاء « ت١٣١ هـ » وهو شيخ المعتزلة الأول وقديمها كما يصفه المسعودي (٣) ، فقال : « وهو أوّل من قال ... أنّ الخبر خبران خاص وعام ، فلو جاز أن يكون العام خاصاً ، جاز أن يكون الخاص عاماً ، ولو جاز ذلك لجاز أن يكون البعض كلاًّ والكلّ بعضاً ،
____________
(١) تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية لمصطفى عبد الرازق / ٢٣٤ ط القاهرة ١٣٦٣ هـ.
(٢) مناهج البحث عند مفكري الإسلام للدكتور علي سامي النشار ٢ / ٦٦ ط دار المعارف بمصر ١٩٦٥ م.
(٣) مروج الذهب ٣ / ٥٤.