والأثر خبراً والخبر أثراً » (١).
أمّا الشيعة الإمامية فلديهم دعوى تدحر جميع ما تقدم ، بدلالة ما ذكروه عن الإمام الباقر وابنه الإمام الصادق عليهما السلام من روايات أنّهما أمليا قواعد أصولية على أصحابهما ، ومنهم هشام بن الحكم الذي صنّف كتاب الألفاظ ومباحثها وهو أهمّ مباحث علم الأصول (٢) ، ومسألة العام والخاص من ذلك ، ولا شك بأنّ هشام بن الحكم متقدم على الشافعي زماناً ، فهو إذن له فضل السبق في ذلك.
ولا أريد الإفاضة في هذا البحث ، ولنعد إلى صلب الموضوع ، فنقول :
إنّ ابن عباس كان عالماً بالعام والخاص ، وقد تلقى ذلك عن أهل بيته الذين هم أوعية العلم النبوي ، ولعلّ أوّل ما طرق سمعه حول هذا الموضوع وهو في حداثة سنّه ، ما رواه من خطبة الصدّيقة فاطمة الزهرا عليها السلام التي خاطبت بها أبا بكر والمهاجرين والأنصار في مطالبتها بميراثها بعد أن منعها من ذلك أبو بكر ، فقالت له : « فزعمتم أن لاحظ لي ولا إرث من أبي؟ أفخصّكم الله بآية أخرج أبي منها ، أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثون! أو لست وأبي من أهل ملّة واحدة؟ أم أنتم بخصوص القرآن وعمومه أعلم من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ... » (٣).
____________
(١) نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام للدكتور علي سامي النشار ١ / (٤٥٢) ـ ٤٥٣ ط الرابعة دار المعارف ١٩٦٦ م.
(٢) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام للسيد حسن الصدر / ٣١٠.
(٣) نهاية التحقيق فيما جرى في أمر فدك للصديقة والصدّّيق بالنص والتوثيق / ١٧٤.