شواهد على التخصيص بعنوان النسخ عند ابن عباس رضي الله عنه :
لقد وردت روايات عن ابن عباس ذكر فيها النسخ وهو في الحقيقة تخصيص بعض أفراد العام ، فمنها :
١ ـ قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) (١) ، أخرج السيوطي في « الدر المنثور » نقلاً عن ابن أبي حاتم ، والنحاس في ناسخه ، وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال : « لمّا نزلت هذه الآية : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) ، فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكيناً ، ثم نزلت هذه الآية : (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (٢) ، فنسخت الأولى إلاّ الفاني إنّ شاء أطعم عن كلّ يوم مسكيناً وأفطر » (٣).
فقوله : « فنسخت الأولى إلاّ الفاني » ، فهذا الإستثناء دلّ على عدم رفع الحكم بالكلية الذي هو معنى النسخ ، بل دلّ على أنّ المراد بالنسخ التخصيص.
ويؤكد ذلك ما في رواية سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : « كان الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم رخّص لهما أن يفطرا إن شاءا ويطعما لكلّ يوم مسكيناً ، ثم نسخ ذلك بعد ذلك
____________
(١) البقرة / ١٨٤.
(٢) البقرة / ١٨٥.
(٣) الدر المنثور ١ / ١٧٧.