نماذج نحوية ولغوية
ليس من السهل الإحاطة بجميع ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه ممّا فيه دلالة واضحة على معرفته بعلوم العربية من النحو واللغة ، ولكن ليس من الممتنع ذكر الميسور كنماذج ذات دلالة على معرفته بالعربية وعلومها ، فلنقرأ :
١ ـ رأيه في « اجراء االنفي مع التقرير مجرى النفي المجرّد في ردّه » في قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) (١).
فقد استفاد النحاة من قوله : « لو قالوا : « نعم » لكفروا » بأنّ همزة الإستفهام إذا دخلت على النفي كما هو الحال في قوله : (أَلَسْتُ) صار معناه التقرير ، فيجاب بما يجاب به النفي ، ولو قالوا : « نعم » لكان تقريراً للنفي ، فذلك معنى قوله « لكفروا » (٢).
٢ ـ رأيه في « جواز العطف على الخبر المجرور بدون إعادة الجار » ، كما في قوله تعالى : (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) (٣) بكسر الميم عطفاً على الضمير المجرور بالباء ، وهي قراءة حبر الأمة ابن عباس (٤).
____________
(١) الأعراف / ١٧٢.
(٢) المغني بحاشية الدسوقي ١ / ١١٢ ، ٢ / (٩) ـ ١١.
(٣) النساء / ١.
(٤) نظرات في اللغة والنحو / تأليف طه الراوي نشر المكتبة الأهلية بيروت.