يكن من فراغ لو لم يكن لديه رصيد معرفة بذلك.
وهذا لا يحملنا على المغالات فيه فنزعم له نسبة تأسيس علم النحو إليه ، كما عنون أحد الباحثين المعاصرين كتابه « ابن عباس رضي الله عنه مؤسس علوم العربية » للإستاذ الدكتور عبد الكريم بكار ، من أبها في السعودية ، وطبع كتابه مرتين ، وقفت على الطبعة الثانية منهما « نشر دار الأعلام ، الأردن سنة ١٤٢٣ هـ ـ ٢٠٠٢ م » ، وقد استوعب جملة صالحة من الشواهد ، لكنها لا تكفي لإثبات صحة العنوان « مؤسس علوم العربية »! ولو قال عنه : « مشاركاً » ما أخطأ الصواب ، لأنّ ابن عباس في ألمعيته وجامعيته لا يستنكر عليه المشاركة في التأسيس ، ويستنكر له دعوى التأسيس ، فهو كما قال ابن فارس « المتوفى ٣٦٥ هـ » في كتابه « الصاجي في فقه اللغة » ، في باب أقل العدد الجمع ، مستدلاً على ما عنونه : « وإلى ذلك ذهب عبد الله ابن عباس ـ ومكانه من العلم باللغة مكانه ـ في قوله ـ جل ثناؤه ـ (فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ) (١) ، لا يكون إلاّ بأكثر من اثنين ... أه » (٢). وهذا من ابن فارس ـ وهو فارس الميدان الذي ناهزت مؤلفاته في اللغة العشرة بينها مقاييس اللغة في عدّة أجزاء ـ وفي النحو وفقه اللغة ١٤ كتاباً ، فهو بحق فارس الميدان ، فكلمته في ابن عباس تعرب عمّا له من شأن.
____________
(١) النساء / ١١.
(٢) الصاجي في اللغة / ١٩٠.