الصورة الذهنية من الواقع المنظور ، فلا تغيب عن القارئ تلك الرؤى الحسية من خلال تلاوة تلك الآيات ، وهي أيضاً توحي بالعبرة في تصحيح السلوك.
فإنّ من يقرأ قوله تعالى في سورة العلق ، وهي أوّل سورة أنزلت على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ويتلو فيها قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) (١).
فهذه الآيات الثلاث التي أستعمل فيها صيغة (أَرَأَيْتَ) فإنّها تمثّل لون الإستفهام الإنكاري الشديد ، الداعي إلى لون من الوان الوعيد ، ضمنها لمن يأتي بتلك المفعولات لفعل (أَرَأَيْتَ).
ولا تفوتنا الإشارة في المقام إلى ما قيل ويقال في المفعول الثاني إلى فعل (أَرَأَيْتَ) كما يقوله النحاة فلا حاجة إلى التطويل فيه ، بعد أن كان القرآن الكريم هو الحجة في الاستعمال ، وقد أستعمل الفعل بمفعول واحد ، ويكون المعنى : أرأيت يا محمد من فعل ما ذكرناه من منع الصلاة وينهى المصلين عنها ماذا يكون جزاؤه؟ وماذا يكون حاله عند الله ، وما الذي يستحقه من العقاب.
ونعود إلى ابن عباس رضي الله عنه لنراه كيف يفسر تلك الآيات الكريمة؟ وإذا هو قد خرج حتى عن التفسير اللغوي ، وأكتفى بشأن النزول ، ثم عقب عليه
____________
(١) العلق / (٩) ـ ١٤.