عنه أحمد في العلل (١) ، أنّه كان يكتب عند ابن عباس على ألواح حتى يملؤها ثم يكتب على نعله (؟! » ، والألواح هي الصحف التي كانت معروفة ومتداولة بينهم يومئذ ، وقد استعمل سعيد هذه اللفظة في قوله ، كما في طبقات ابن سعد : « ربما أتيت ابن عباس فكتبت في صحيفتي حتى أملأها ، وكتبت في نعلي حتى أملأها ، وكتبت في كفي ، وربما أتيته فلم أكتب حديثاً حتى أرجع لا يسأله أحد عن شيء » (٢).
وهذا يعني أنّ سعيد بن جبير كان يكتب ما يمليه ابن عباس من أجوبة السائلين ، فيمكن أن يُعدّ سعيد أوّل من دوّن الأمالي عن ابن عباس ، كما يبدو من هذا الخبر إنّ استخدام النعل والكفّ في الكتابة عند الضرورة كان أمراً مقبولاً ، وإن صرنا نراه مستهجناً في عصرنا ، وقد روى ابن النديم عن استخدام الخفّ لإخفاء الكتاب عن الفتح بن خاقان (٣).
____________
(١) العلل ١ / ٥٠.
(٢) الطبقات الكبرى ٦ / ٢٥٧ ط بيروت.
(٣) قال أبو هفان : ثلاثة لم أر قط ولا سمعت أحبّ إليهم من الكتب والعلوم : الجاحظ والفتح بن خاقان واسماعيل بن اسحاق القاضي. فأما الجاحظ فإنه لم يقع بيده كتاب قط الاّ استوفى قراءته كائناً ما كان ، حتى انه كان يكتري دكاكين الوراقين ويبيت فيها للنظر ، والفتح بن خاقان فانه كان يحضر لمجالسة المتوكل فاذا اراد القيام لحاجة أخرج كتاباً من كمّه أو خفّه وقرأه في مجلس المتوكل والى عوده إليه حتى في الخلاء. وأما اسماعيل بن اسحاق فإني ما دخلت اليه إلا رأيته ينظر في كتاب أو يقلّب كتباً أو ينفضها ، ( فهرست ابن النديم / ١٣٠ ) ( تجدد ) وهذه الحكاية حكاها ابن النديم مرة أخرى عن غير ابي هفان بتفاوت يسير في ص٢٠٨ فلتراجع.