بعد ما أخبره عثمان! فهل قبل منه ذلك أم لا؟
ولكن ثمة عن ابن عباس ما يعلن فيه سخطه على من ترك البسملة.
فقد روى البيهقي في « السنن الكبرى » بسنده : عن ابن عباس ، أنّه قال : « إنّ الشيطان استرق من أهل القرآن أعظم آية في القرآن (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) » (١).
ويزيدنا وضوحاً بعدم قناعة ابن عباس بجواب عثمان ، أنّه سأل ابن عمه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عن ذلك.
فقد روى أبو الشيخ ، وابن مردويه ، عنه أنّه قال : « سألت عليّ بن أبي طالب : لِم لم يكتب في براءة : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)؟ قال : « لأنّ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أمان ، وبراءة نزلت بالسيف » (٢).
وأحسب أنّ ابن عباس لم يكن غافلاً ولا جاهلاً بما سأل عنه عثمان ، وإنّما أراد أن يشير إليه من طرف خفي : إنّ سورة الأنفال هي سورة رحمة وغنائم ومنافع للمسلمين ، إذ كان يسميها سورة بدر ، كما عن سعيد بن جبير ، قال : « قلت لابن عباس : سورة الأنفال؟ قال : تلك سورة بدر ، تلك أوّل حرب انتصر فيها المسلمون على المشركين » (٣). بينما سورة براءة سورة عذاب ونقمة ، وهي التي كان يسميها الفاضحة ، فيما رواه البخاري : « عن سعيد بن جبير ، قال : قلت لابن عباس : سورة التوبة؟ قال : التوبة! بل هي الفاضحة ، وما زالت تنزل « ومنهم » حتى ظننا أن لا يبقى أحد إلاّ ذكر فيها » (٤).
____________
(١) السنن الكبرى في كتاب الصلاة في باب افتتاح القراءة في الصلاة ٢ / ٥٠
(٢) المستدرك ٢ / ٣٣٠ ، الدر المنثور ٣ / ٢٠٩ ، كنز العمال ٢ / ٢٧٢.
(٣) الإتقان ١ / ٥٥ ، صحيح البخاري ٦ / ٥٨.
(٤) نفس المصدر.