وأمّا قوله تعالى : (وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) (١) ، (وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (٢) ، (وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً) (٣) ، فإنّ الله تعالى جعل نفسه ذلك ، وسمى نفسه بذلك ، ولم ينحله أحداً غيره ، (وَكَانَ اللّهُ) أي لم يزل كذلك.
ثم قال ابن عباس : إحفظ عني ما حدّثتك ، وأعلم أنّ ما أختلف عليك من القرآن أشباه ما حدثتك ، فإنّ الله لم يترك شيئاً إلاّ قد أصاب به الذي أراد ، ولكن الناس لا يعلمون ، فلا يختلفنّ عليك القرآن ، فإنّ كلاً من عند الله عزوجل » (٤).
أقول : لقد أخرج البخاري هذا الخبر في صحيحه (٥) ، وذكر ابن حجر في شرحه ، فقال : « كان هذا الرجل هو نافع بن الأزرق الذي صار بعد ذلك رأس الأزارقة من الخوراج ، وكان يجالس ابن عباس بمكة ويسأله ويعارضه. ومن جملة ما وقع سؤاله عنه صريحاً ما أخرجه الحاكم في « المستدرك » عن طريق داود بن هند عن عكرمة ، قال : سأل نافع بن الأزرق ابن عباس عن قوله تعالى : (هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ) (٦) ، و (لاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً) (٧) » (٨).
وأخرج الطبري في تفسيره عن شعبة مولى ابن عباس ، عن ابن
____________
(١) النساء / ١٥٢.
(٢) الفتح / ٧.
(٣) النساء / ١٣٤.
(٤) الفقيه والمتفقه ١ / ٦٠ ط دار إحياء السنة النبوية.
(٥) صحيح البخاري ٦ / ٣٥.
(٦) المرسلات / ٣٥.
(٧) طه / ١٠٨.
(٨) صحيح البخاري بشرح فتح الباري ١٠ / ١٧٧.