العباس ـ أو يا أبا الفضل ـ ألا تشفيني عن آية المحيض؟ قال : بلى ، فقرأ : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) (١) حتى بلغ آخر الآية.
فقال ابن عباس : من حيث جاء الدم ، ثم أمرت أن تأتي.
فقال له الرجل : يا أبا الفضل ، كيف بالآية التي تتبعها (نسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (٢).
فقال : أي ويحك ، وفي الدبر من حرث؟ لو كان ما تقول حقاً لكان المحيض منسوخاً ، إذ أشتغل من هنا جئت من هاهنا ، ولكن أنّى شئتم من الليل والنهار » (٣).
وأخرج الطبري في تفسيره بسنده عن عطاء ، قال : « سأل عمر الناس عن هذه الآية : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ) (٤) ، فما وجد أحداً يشفيه حتى قال ابن عباس وهو خلفه : يا أمير المؤمنين إني أجد في نفسي منها شيئاً. قال : فتلفت إليه ، فقال : تحوّل ههنا لم تحقّر نفسك؟
قال : هذا مثال ضربه الله عزوجل ، فقال : أيودّ أحدكم أن يعمّر عمّره بعمل أهل السعادة ، حتى إذا كان أحوج ما يكون إلى أن يختمه بخير ، حين فني عمره ، اقترب أجله ، ختم ذلك بعمل من عمل أهل الشقاء ، فأفسده كلّه ، فحرّقه أحوج ما كان إليه » (٥).
____________
(١) البقرة / ٢٢٢.
(٢) البقرة / ٢٢٣.
(٣) جامع البيان ١ / ٣٩٤.
(٤) البقرة / ٢٦٦.
(٥) جامع البيان ٣ / ٧٥.