والكثير ، وقد يقع على الْكَلِمَةِ الواحدة ، وعلى الجماعة ، بخلاف الْكَلِمِ فإنه لا يكون أقل من ثلاث كَلِمَاتٍ.
هذا إذا لم يستعمل استعمال المصدر كقولك « سمعت كَلَامَ زيد ».
فإن استعمل استعماله كقولك كَلَّمْتُهُ كَلَاماً ، ففيه خلاف قيل : إنه مصدر لأنهم أعملوه ، فقالوا كَلَامِي زيدا حسن. وقيل : إنه اسم مصدر ، ونقله ابن الخشاب عن المحققين.
ومما يدل على أنه اسم مصدر : أن الفعل الماضي المستعمل من هذه المادة أربعة : كَلَّمَ ، ومصدره التَّكْلِيمُ.
وتَكَلَّمَ ، ومصدره التَّكَلُّمُ بضم اللام.
وتَكَالَمَ ومصدره تَكَالُماً بضم اللام.
فظهر أن الْكَلَامَ ليس مصدرا.
والفرق بين المصدر واسم المصدر : أن المصدر مدلوله الحدث ، واسم المصدر مدلوله : لفظ. وذلك اللفظ يدل على الحدث (١).
وهل يطلق الْكَلَامُ على المعاني النفسانية إطلاقا حقيقيا أم هو مجاز؟ قولان أصحهما الثاني.
والله تعالى مُتَكَلِّمٌ ، والمراد بِالْكَلَامِ : الحروف المسموعة المنتظمة. ومعنى كونه مُتَكَلِّماً : أنه أوجد الْكَلَامَ في بعض الأجسام كما في الشجرة التي كَلَّمَتْ موسى.
وما زعمه الأشعريون من أنه مُتَكَلِّمٌ بلسان وشفتين! فبطلانه بديهي ، فإنه لو كان كذلك لكان ذا حاسة ، ولو كان ذا حاسة لكان جسما ولو كان جسما لكان محدثا ، وهو محال.
وكذا ما زعمه بعضهم من أن الْكَلَامَ معنى قائم بالنفس ، ليس بأمر ولا نهي ولا خبر ، ولا استخبار ، فإن ذلك لا دليل عليه ، وليس هو معقولا.
ورتب بعضهم غير ذلك بأن للباري
__________________
(١) والفرق الواضح بينهما : أن مدلول المصدر كالتوضي هو الحدث. أما مدلول اسم المصدر هو الحاصل من الحدث كالوضوء الحاصل من التوضي ، وفرق آخر : أن المصدر يجاري فعله في حروفه كالاغتسال من اغتسل ، أما اسم المصدر فيخالفه أغلبيا ، كالغسل بالنسبة إلى الاغتسال.