وأَهَمَّهُ الأمر : إذا عنى به يحدث نفسه.
والفرق بين الْهَمِ بالشيء والقصد إليه : أنه قد يَهُمُ بالشيء قبل أن يريده ويقصده بأنه يحدث نفسه به وهو مع ذلك مقبل على فعله.
قوله ( وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا ) [ ٩ / ٧٤ ] هو من قولهم هَمَمْتُ بالشيء أَهُمُ هَمّاً : أردته وقصدته ،
كَانَ طَائِفَةٌ عَزَمُوا عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله. وَهُوَ فِي سَفَرٍ ، فَوَقَفُوا فِي طَرِيقِهِ فَلَمَّا بَلَغَهُ أَمْرُهُمْ تَنَحَّى عَنِ الطَّرِيقِ وَسَمَّاهُمْ رَجُلاً رَجُلاً.
قوله ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَ بِها ) [ ١٢ / ٢٤ ] ذكر في ( عصا ).
وَفِي صِفَاتِهِ تَعَالَى « مُرِيدٌ بِلَا هِمَّةٍ ».
أي لا عزم له على ما يفعله ، لأن الْهِمَّةَ والعزيمة يجوزان على من له قلب فيطمئن بها على فعل شيء في المستقبل.
وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هِمَّتَهُ فَرَّقَ اللهُ أَمْرَهُ ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَتْ هِمَّتَهُ الْآخِرَةُ جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ ذَلِيلَةٌ » والْهِمَّةُ أراد بها : العزم الجازم.
وَفِي صِفَاتِهِ تَعَالَى « لَا يُدْرِكُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ » أي الْهِمَمُ البعيدة ، وبعدها : تعلقها بعليات الأمور ، دون محقراتها ، أي لا تدرك النفوس ذوات الْهِمَمِ البعيدة وإن اتسعت في الطلب ، كنه حقيقته
وَفِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ » اه قيل هذا الدعاء من جوامع الكلم ، لما قالوا أنواع الرذائل ثلاثة : نفسانية ، وبدنية ، وخارجية. والأول بحسب القوى التي للإنسان العقلية والغضبية والشهوية ثلاثة أيضا ، والْهَمُ والحزن يتعلق بالعقلية ، والجبن بالغضبية ، والبخل بالشهوية ، والعجز والكسل بالبدنية ، والضلع والغلبة بالخارجية ، والدعاء يشتمل على الكل.
وَفِي دُعَاءٍ آخَرَ « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِ وَالْغَمِّ وَالْحَزَنِ » قيل : الفرق بين الثلاثة هو أن الْهَمَ قبل نزول الأمر ويطرد النوم ، والغم بعد نزول الأمر ويجلب النوم ،