فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله.
ثم نظرنا في معنى قول النبي صلىاللهعليهوآله : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم » ثم [ في ] معنى قوله : « فمن كنت مولاه فعلي مولاه » فوجدنا ذلك ينقسم في اللغة على وجوه لا يعلم في اللغة غيرها ـ أنا ذاكرها. إن شاء الله ـ ونظرنا فيما يجمع له النبي صلىاللهعليهوآله الناس ويخطب به ويعظم الشأن فيه فإذا هو شئ لا يجوز أن يكونوا علموه فكرره عليهم ، ولا شئ لا يفيدهم بالقول فيه معنى لان ذلك في صفة العابث والعبث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله منفي فنرجع إلى ما يحتمله لفظة المولى في اللغة. يحتمل أن يكون المولى مالك الرق كما يملك المولى عبيده وله أن يبيعه ويهبه ، ويحتمل أن يكون المولى المعتق من الرق ، ويحتمل أن يكون المولى المعتق وهذه الأوجه الثلاثة مشهورة عند الخاصة والعامة فهي ساقطة في قول النبي صلىاللهعليهوآله لأنه لا يجوز أن يكون عنى بقوله : « فمن كنت مولاه فعلي مولاه » واحدة منها لأنه لا يملك بيع المسلمين ولا عتقهم من رق العبودية ولا أعتقوه عليهالسلام ويحتمل أيضا أن يكون المولى ابن العم ، قال الشاعر :
مهلا بني عمنا مهلا موالينا |
|
لم تظهرون لنا ما كان مدفونا (١) |
ويحتمل أن يكون المولى العاقبة ، قال الله عزوجل : « مأويكم النار هي موليكم » (٢) أي عاقبتكم وما يؤول بكم الحال إليه ، ويحتمل أن يكون المولى لما يلي الشئ مثل خلفه وقدامه ، قال الشاعر :
فغدت ، كلا الفرجين تحسب أنه |
|
مولى المخافة خلفها وأمامها |
ولم نجد أيضا شيئا من هذه الأوجه يجوز أن يكون النبي صلىاللهعليهوآله عناه بقوله : « فمن كنت مولاه فعلي مولاه » لأنه لا يجوز أن يقول : من كنت ابن عمه فعلي ابن عمه لان ذلك معروف معلوم وتكريره على المسلمين عبث بلا فائدة. وليس يجوز أن يعني به عاقبة أمرهم ولا خلف ولا قدام لأنه لا معنى له ولا فائدة. ووجدنا اللغة تجيز أن يقول الرجل : « فلان مولاي » إذا كان مالك طاعته ، فكان هذا هو المعنى الذي عناه النبي صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) في لسان العرب : مهلا بنى عمنا مهلا موالينا * امشوا رويدا كما كنتم تكونونا
(٢) الحديد : ١٤.