أبو الحسن علي بن مالك النحوي ، قال : حدثنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن عبد الحميد بن بهرام الفزاري ، قال : حدثني شهر بن حوشب ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : بينا رجل من أسلم في غنيمة له يهش عليها ببيداء ذي الخليفة ، إذ عدا عليه الذئب ، فانتزع شاة من غنمه ، فهجهج به (١) الرجل ورماه بالحجارة حتى استنقذ منه شاته.
قال : فأقبل الذئب حتى أقعى مستثفرا بذنبه (٢) مقابلا للرجل ، ثم قال له : أما اتقيت الله ( عزوجل ) ، حلت بيني وبين شاة رزقنيها الله؟ فقال الرجل : بالله ما سمعت كاليوم قط. فقال الذئب : مم تعجب؟ قال : أعجب من مخاطبتك إياي. فقال الذئب : أعجب من ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله بين الحرتين في النخلات يحدث الناس بما خلا ، ويحدثهم بما هو آت ، وأنت هاهنا تتبع غنمك.
فلما سمع الرجل قول الذئب ساق غنمه يحوزها حتى إذا أدخلها قباء ـ قرية الأنصار ـ سأل عن رسول الله صلىاللهعليهوآله فصادفه في بيت أبي أيوب ، فأخبره خبر الذئب ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : صدقت ، أحضر العشية ، فإذا رأيت الناس قد اجتمعوا فأخبرهم ذلك. فلما صلى رسول الله صلىاللهعليهوآله الظهر واجتمع الناس إليه أخبرهم الا سلمى خبر الذئب ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : صدق صدق صدق ، فتلك الأعاجيب بين يدي الساعة ، أما والذي نفس محمد بيده ليوشك الرجل أن يغيب عن أهله الروحة أو الغدوة فيخبره سوطه أو عصاه أو نعله بما أحدث أهله من بعده.
١٧ / ١٧ ـ حدثنا محمد بن محمد بن النعمان ، قال : حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن علي الزيات ، قال : حدثنا عبيد الله بن جعفر بن محمد بن أعين ، قال : حدثنا مسعر بن يحيى النهدي ، قال : حدثنا شريك بن عبد الله القاضي ، قال : حدثنا أبو
__________________
(١) أي صاح به وزجره ليكف.
(٢) استثفر الذنب بذنبه : جعله بين فخذيه.