سر من رأى ، قال : كان المتوكل ركب إلى الجامع ، ومعه عدد ممن يصلح للخطابة ، وكان فيهم رجل من ولد العباس بن محمد يلقب بهريسة ، وكان المتوكل يحقره ، فتقدم إليه أن يخطب يوما فخطب وأحسن ، فتقدم المتوكل يصلي ، فسابقه من قبل أن ينزل من المنبر ، فجاء فجذب منطقته من ورائه ، وقال : يا أمير المؤمنين ، من خطب يصلي. فقال المتوكل : أردنا أن نخجله فأخجلنا.
وكان أحد الأشرار ، فقال يوما للمتوكل : ما يعمل أحد بك أكثر مما تعمله بنفسك في علي بن محمد ، فلا يبقى في الدار إلا من يخدمه ، ولا يتبعونه بشيل ستر ولا فتح باب ولا شئ ، وهذا إذا علمه الناس قالوا : لو لم يعلم استحقاقه للامر ما فعل به هذا ، دعه إذا دخل يشيل الستر لنفسه ويمشي كما يمشي غيره ، فتمسه بعض الجفوة ، فتقدم ألا يخدم ولا يشال بين يديه ستر ، وكان المتوكل ما رئي أحد ممن يهتم بالخبر مثله. قال : فكتب صاحب الخبر إليه أن علي بن محمد دخل الدار ، فلم يخدم ولم يشل أحد بين يديه ستر ، فهب هواء رفع الستر له فدخل ، فقال : اعرفوا خبر خروجه ، فذكر صاحب الخبر أن هواء خالف ذلك الهواء شال الستر له حتى خرج ، فقال : ليس نريد هواء يشيل الستر ، شيلوا الستر بين يديه.
٥٥٧ / ٤ ـ قال : ودخل عليهالسلام يوما على المتوكل فقال : يا أبا الحسن ، من أشعر الناس ، وكان قد سأل قبله ابن الجهم ، فذكر شعراء الجاهلية وشعراء الاسلام ، فلما سأل الإمام عليهالسلام قال : فلان بن فلان العلوي. قال ابن الفحام : وأحسبه الحماني. قال : حيث يقول :
لقد فاخرتنا من قريش عصابة |
|
بمط خدود وامتداد أصابع |
فلما تنازعنا القضاء قضى لنا |
|
عليهم بما نهوى نداء الصوامع |
قال : وما نداء الصوامع ، يا أبا الحسن؟ قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، جدي أم جدك؟ فضحك المتوكل ، ثم قال : هو جدك ، لا ندفعك عنه.
٥٥٨ / ٥ ـ قال أبو محمد الفحام : وحدثني أبو الطيب ، وكان لا يدخل المشهد ويزور من وراء الشباك ، فقال لي : جئت يوم عاشوراء نصف نهار ظهير والشمس تغلي ،