ليلة عاشورا ، فإني جالس بالرابية ومعي رجل من الحي فسمعنا هاتفا يقول :
والله ما جئتكم حتى بصرت به |
|
بالطف منعفر الخدين منحورا |
وحوله فتية تدمى نحورهم |
|
مثل المصابيح يطفون الدجى نورا |
وقد حثثت قلوصي (١) كي أصادفهم |
|
من قبل أن يتلاقى الخرد (٢) الحورا |
فعاقني قدر والله بالغه |
|
وكان أمرا قضاه الله مقدورا |
كان الحسين سراجا يستضاء به |
|
الله يعلم أني لم أقل زورا |
صلى الاله على جسم تضمنه |
|
قبر الحسين حليف الخير مقبورا |
مجاورا لرسول الله في غرف |
|
وللرصي وللطيار مسرورا |
فقلت له : من أنت يرحمك الله؟ قال : أنا وأبي من جن نصيبين ، أردنا مؤازرة الحسين عليهالسلام ومواساته بأنفسنا ، فانصرفنا من الحج فأصبناه قتيلا.
١٤٢ / ٥١ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثني أحمد بن محمد الجوهري ، قال : حدثنا محمد بن مهران ، قال : حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، عن عمر بن عبد الواحد ، عن إسماعيل بن راشد ، عن حذلم بن ستير (٣) ، قال : قدمت الكوفة في المحرم من سنة إحدى وستين ، منصرف علي بن الحسين عليهماالسلام بالنسوة من كربلاء ومعهم الاجناد يحيطون بهم ، وقد خرج الناس للنظر إليهم ، فلما أقبل بهم على الجمال بغير وطاء جعل نساء الكوفة يبكين ، ويلتدمن (٤) ، فسمعت علي بن الحسين عليهالسلام وهو يقول بصوت ضئيل ، وقد نهكته العلة ، وفي عنقه الجامعة ، ويده مغلولة إلى عنقه : إن هؤلاء النسوة يبكين ، فمن قتلنا؟!
__________________
(١) القلوص : الناقة الشابة.
(٢) الخرد : جمع خرود ، البكر التي لم تمس.
(٣) في نسخة : كثير.
(٤) التدمت المرأة : ضربت صدرها في النياحة ، وقيل : ضربت وجهها في المأتم.