أمرها بعد فأخبرني به ، فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة ، فأخبر عبد المطلب بذلك ، فخرج عبد المطلب وهو يقول : يا أهل مكة ، اخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم.
قال : فأتوا العسكر ، وهم أمثال الخشب النخرة ، وليس من الطير إلا ما معه ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه ، يقتل بكل حصاة منها واحدا من القوم ، فلما أتوا على جميعهم انصرف الطير ، ولم ير قبل ذلك ولا بعده ، فلما هلك القوم بأجمعهم جاء عبد المطلب إلى البيت فتعلق بأستاره وقال :
يا حابس الفيل بذي المغمس (١) |
|
حبسته كأنه مكوكس (٢) |
في محبس تزهق فيه الأنفس
فانصرف وهو يقول في فرار قريش وجزعهم من الحبشة :
طارت قريش إذ رأت خميسا |
|
فظلت فردا لا أرى أنيسا |
ولا أحس منهم حسيسا |
|
إلا أخا لي ماجدا نفيسا |
مسودا في أهله رئيسا
١٢١ / ٣٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : حدثنا الحسن بن علي الزعفراني ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثنا أبو الوليد العباس بن بكار الضبي ، قال : حدثنا أبو بكر الهذلي ، قال : حدثنا محمد بن سيرين ، قال : سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة يقولون : لما فرغ علي بن أبي طالب عليهالسلام من الجمل ، عرض له مرض ، وحضرت الجمعة ، فتأخر عنها ، وقال لابنه الحسن عليهالسلام : انطلق يا بني فجمع بالناس. ـ فأقبل الحسن عليهالسلام إلى المسجد ، فلما استقل على المنبر حمد الله وأثنى عليه وتشهد وصلى على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقال : أيها الناس ، إن الله اختارنا بالنبوة ،
__________________
(١) المغمس : موضع بطريق الطائف.
(٢) أي منكس.