ـ واللفظ له ـ ، قال : حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي ، قال : حدثني سلمة بن صالح الجعفي ، عن سليمان الأعمش وأبي مريم جميعا ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله ابن الحارث بن نوفل ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوآله : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) (١) دعاني رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال لي : يا علي ، إن الله ( تعالى ) أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، قال : فضقت بذلك ذرعا ، وعرفت أني متى أناديهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره ، فصمت على ذلك ، وجاءني جبرئيل عليهالسلام فقال : يا محمد ، إنك إن لم تفعل ما أمرت به عذبك ربك ( عزوجل ) ، فاصنع لنا يا علي صاعا من طعام ، واجعل عليه رجل شاة ، واملا لنا عسا (٢) من لبن ، ثم أجمع بني عبد المطلب حتى أكلمهم ، وأبلغهم ما أمرت به. ففعلت ما أمرني به ، ثم دعوتهم أجمع ، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا ، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب.
فلما اجتمعوا له صلىاللهعليهوآله ، دعاني بالطعام الذي صنعت لهم ، فجئت به ، فلما وضعته تناول رسول الله صلىاللهعليهوآله جذمة (٣) من اللحم ، فشقها بأسنانه ، ثم ألقاها في نواحي الصحفة ، ثم قال : خذوا بسم الله ، فأكل القوم حتى صدروا ، ما لهم بشئ من الطعام حاجة ، وما أرى إلا مواضع أيديهم ، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم ، ثم جئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا جميعا ، وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله ، فلما أراد رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال : لشد ما سحركم صاحبكم! فتفرق القوم ، ولم يكلمهم رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فقال لي من الغد : يا علي ، إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول ،
__________________
(١) سورة الشعراء ٢٦ : ٢١٤.
(٢) العس : القدح الكبير.
(٣) أي قطعة.