أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي الزعفراني ، قال : أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثني عبد الله بن محمد بن عثمان ، قال : حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد ، عن فضيل بن الجعد ، عن أبي إسحاق الهمداني ، قال : لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) محمد بن أبي بكر مصر وأعمالها كتب له كتابا ، وأمره أن يقرأه على أهل مصر ، وليعمل بما وصاه به فيه ، وكان الكتاب :
بسم الله الرحيم الرحيم
من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى أهل مصر ومحمد بن أبي بكر. سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد : فإني أوصيكم. بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون وإليه تصيرون ، فإن الله تعالى يقول : ( كل نفس بما كسبت رهينة ) (١) ويقول : ( ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ) (٢) ويقول : ( فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون ) (٣).
فاعلموا عباد الله أن الله عزوجل سائلكم عن الصغير من عملكم والكبير فإن يعذب فنحن أظلم ، وإن يعف فهو أرحم الراحمين.
يا عباد الله ، إن أقرب ما يكون العبد إلى المغفرة والرحمة حين يعمل الله بطاعته وينصحه بالتوبة ، عليكم بتقوى الله ، فإنها تجمع الخير ولا خير غيرها ، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا وخير الآخرة ، قال الله ( عز وحل ) : ( وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين ) (٤).
اعلموا يا عباد الله أن المؤمن يعمل لثلاث من الثواب : إما لخير ( الدنيا ) فإن الله
__________________
(١) سورة المدثر ٧٤ : ٣٨.
(٢) سورة آل عمران ٣ : ٢٨.
(٣) سورة الحجر ١٥ : ٩٢ و ٩٣.
(٤) سورة النحل ١٦ : ٣٠.