بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله لم ينازعكم فيها أحد ، والله ما أدري إذا سئلت ما أقول ، أأزعم أن القوم كانوا أولى بما كانوا فيه منك ، فان قلت ذلك فعلى م نصبك رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد حجة الوداع ، فقال : « أيها الناس من كنت مولاه فعلي مولاه » وان كنت أولى منهم بما كانوا فيه فعلى م نتولاهم؟
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : يا عبد الرحمن ، إن الله ( تعالى ) قبض نبيه صلىاللهعليهوآله وأنا يوم قبضه أولى بالناس مني بقميصي هذا ، وقد كان من نبي الله إلي عهد لو خزمتموني (١) بأنفي لأقررت سمعا لله وطاعة ، وإن أول ما انتقصنا بعده إبطال حقنا في الخمس ، فلما دق أمرنا طمعت رعيان قريش فينا ، وقد كان لي على الناس حق لو ردوه إلي عفوا قبلته وقمت به ، وكان إلي أجل معلوم ، وكنت كرجل له على الناس حق إلى أجل ، فإن عجلوا له ماله أخذه وحمدهم عليه ، وإن أخروه أخذه غير محمودين ، وكنت كرجل يأخذ السهولة وهو عند الناس محزون ، وإنما يعرف الهدى بقلة من يأخذه من الناس ، فإذا سكت فاعفوني ، فإنه لو جاء أمر تحتاجون فيه إلى الجواب أجبتكم ، فكفوا عني ما كففت عنكم.
فقال عبد الرحمن : يا أمير المؤمنين ، فأنت لعمرك كما قال الأول.
لعمري لقد أيقظت من كان نائما |
|
وأسمعت من كانت له أذنان |
١٠ / ١٠ ـ حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر ابن محمد ، قال : حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن هارون ابن مسلم ، عن مسعدة بن زياد ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليهماالسلام وقد سئل عن قوله ( تعالى ) : ( فلله الحجة البالغة ) (٢).
فقال : إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالما؟ فإن قال : نعم ، قال له : أفلا عملت بما علمت؟ وإن قال : كنت جاهلا ، قال له : أفلا تعلمت حتى
__________________
(١) خزمه : شكه وثقبه وخزمه بأنفه : أذله وسخره.
(٢) سورة الأنعام ٦ : ١٤١.