فتفرق القوم قبل أن أكلمهم ، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم اجمعهم لي. قال : ففعلت ثم جمعتهم ، فدعاني بالطعام فقربته لهم ، ففعل كما فعل بالأمس ، وأكلوا حتى ما لهم به من حاجة ، ثم قال : أسقهم ، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا.
ثم تكلم رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا بني عبد المطلب ، إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله ( عزوجل ) أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤمن بي ويؤازرني على أمري ، فيكون أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي من بعدي؟ قال : فأمسك القوم ، وأحجموا عنها جميعا. قال : فقمت وإني لأحدثهم سنا ، وأرمصهم (١) عينا ، وأعظمهم بطنا ، وأحمشهم (٢) ساقا. فقلت : أنا يا نبي الله أكون وزيرك على ما بعثك الله به. قال : فأخذ بيدي ثم قال : إن هذا أخي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا. قال : فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.
١٢٠٧ / ١٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثني أحمد ابن عيسى بن محمد بن الفراء الكبير سنة عشر وثلاث مائة ، قال : حدثنا القاسم بن إسماعيل الأنباري ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد ، قال : حدثنا معتب مولى عبد الله بن مسلم ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهماالسلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : جاء أعرابي إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله ، هل للجنة من ثمن؟ قال : نعم.
قال : ما ثمنها؟ قال : « لا إله إلا الله » يقولها العبد الصالح مخلصا بها.
قال : وما إخلاصها؟ قال : العمل بما بعثت به في حقه ، وحب أهل بيتي.
قال : وحب أهل بيتك لمن حقها؟ قال : أجل ، إن حبهم لأعظم حقها.
__________________
(١) الأرمص : الذي في عينه الرمص ، وهو وسخ أبيض جامد يجتمع في الموق.
(٢) أحمش الساقين : دقيقهما.