ابن ثابت ، عن أبيه أبي المقدام ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عباس ، قال : بينا أنا راقد في منزلي إذ سمعت صراخا عظيما عاليا من بيت أم سلمة زوج النبي صلىاللهعليهوآله ، فخرجت يتوجه بن قائدي إلى منزلها ، وأقبل أهل المدينة إليها الرجال والنساء ، فلما انتهيت إليها قلت : يا أم المؤمنين ، ما بالك تصرخين وتغوثين؟ فلم تجبني ، وأقبلت على النسوة الهاشميات وقالت : يا بنات عبد المطلب اسعدنني وابكين معي ، فقد والله قتل سيدكن وسيد شباب أهل الجنة ، قد والله قتل سبط رسول الله وريحانته الحسين.
فقيل : يا أم المؤمنين ، ومن أين علمت ذلك؟ قالت : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله في المنام الساعة شعثا مذعورا ، فسألته عن شأنه ذلك ، فقال : قتل ابني الحسين وأهل بيته اليوم فدفنتهم ، والساعة فرغت من دفنهم ، قالت : فقمت حتى دخلت البيت وأنا لا أكاد أن أعقل ، فنظرت فإذا بتربة الحسين التي أتى بها جبرئيل من كربلاء ، فقال : إذا صارت هذه التربة دما فقد قتل ابنك ، وأعطانيها النبي صلىاللهعليهوآله ، فقال : اجعلني هذه التربة في زجاجة ـ أو قال : في قارورة ـ ولتكن عندك ، فإذا صارت دما عبيطا فقد قتل الحسين ، فرأيت القارورة الان وقد صارت دما عبيطا تفور.
قال : وأخذت أم سلمة من ذلك الدم فلطخت به وجهها ، وجعلت ذلك اليوم مأتما ومناحة على الحسين عليهالسلام ، فجاءت الركبان بخبره ، وأنه قتل في ذلك اليوم.
قال عمرو بن ثابت قال أبي : فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي عليهالسلام ، منزلة ، فسألته عن هذا الحديث ، وذكرت له رواية سعيد بن جبير هذا الحديث عن عبد الله بن عباس ، فقال : أبو جعفر عليهالسلام : حدثنيه عمر بن أبي سلمة ، عن أمة أم سلمة.
قال ابن عباس : في رواية سعيد بن جبير عنه قال : فلما كانت الليلة رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله في منامي أغبر أشعث ، فذكرت له ذلك وسألته عن شأنه ، فقال لي : ألم تعلمي أني فرغت من دفن الحسين وأصحابه.