قال : ثم أرم (١) أمير المؤمنين عليهالسلام طويلا ساكتا ، ثم قال : من كان له مال فإياه والفساد ، فإن إعطاء المال في غير حقه تبذير واسراف ، وهو وإن كان ذكرا لصاحبه في الدنيا والآخرة فهو يضيعه عند الله ( عزوجل ) ، ولم يضع رجل ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودهم ، فإن بقي معه من يوده ويظهر له الشكر ، فإنما هو ملق وكذب يريد التقرب به إليه لينال منه مثل الذي كان يأتي إليه من قبل ، فإن زلت بصاحبه النعل فاحتاج إلى معونته أو مكافأته ، لشر خليل والام خدين (٢) ، ومن ضيع المعروف فيما أتاه فليصل به القرابة ، وليحسن فيه الضيافة ، وليفك به العاني ، وليعن به الغارم ، وابن السبيل ، والفقراء ، والمجاهدين في سبيل الله ، وليصبر نفسه على النوائب والحقوق ، فإن الفوز بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الآخرة.
٣٣٢ / ٣٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا علي بن الحسين ، قال : حدثنا العباس بن عامر ، عن أحمد بن رزق ، عن إسحاق بن عمار ، قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : يا إسحاق ، كيف تصنع بزكاة مالك إذا حضرت؟ قال : يأتوني إلى المنزل فأعطيهم. فقال لي : ما أراك يا إسحاق إلا قد أذللت المؤمنين ، فإياك إياك ، إن الله ( تعالى ) يقول : من أذل لي وليا فقد أرصد لي بالمحاربة.
٣٣٣ / ٣٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، قال : حدثني أبي ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام فذكر عنده المؤمن وما يجب من حقه ، فالتفت إلي أبو عبد الله عليهالسلام فقال لي : يا أبا الفضل ، ألا أحدثك بحال المؤمن عند الله؟ فقلت : بلى فحدثني جعلت فداك.
__________________
(١) أي أمسك وسكت.
(٢) الخدين : الصاحب.