أتيناك والعذراء يدمى لبانها (١) |
|
وقد شغلت أم البنين عن الطفل |
وألقى بكفيه الفتى استكانة |
|
من الجوع ضعفا ما يمر ولا يحلي |
ولا شئ مما يأكل الناس عندنا |
|
سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل (٢) |
وليس لنا إلا إليك فرارنا |
|
وأين فرار الناس إلا إلى الرسل |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله للصحابة : إن هذا الاعرابي يشكو قلة المطر وقحطا شديدا. ثم قام يجر رداءه حتى صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وكان فيما حمده به أن قال : الحمد لله الذي علا في السماء وكان عاليا ، وفي الأرض قريبا دانيا أقرب إلينا من حبل الوريد؟ ورفع يديه إلى السماء وقال : اللهم اسقنا غيثا مغيثا ، مريئا ، مريعا ، غدقا ، طبقا ، عاجلا غير رائث (٣) ، نافعا غير ضار ، تملأ به الزرع ، وتنبت الزرع ، وتحيي به الأرض بعد موتها.
فما رد يده إلى نحره حتى أحدق السحاب بالمدينة كالإكليل ، والتقت السماء بأرواقها (٤) ، وجاه أهل البطاح يضجون : يا رسول الله ، الغرق الغرق. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اللهم حوالينا ولا علينا ، فانجاب السحاب عن السماء ، فضحك رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقال : لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت عيناه ، من ينشدنا قوله؟
فقام عمر بن الخطاب ، فقال : عسى أردت ، يا رسول الله :
__________________
(١) اللبان ـ بالفتح ـ : الصدر ، ـ وبالكسر ـ : الرضاع.
(٢) الحنظل العامي : أي اليابس ، الذي أتى عليه عام ، والعلهز : نبت كالبردي ، والفسل : المسترذل الردئ.
(٣) المغيث : العام ، والمريع : المخصب ، والغدق : الغزير الغامر ، وغير رائث : غير بطئ.
(٤) الأوراق : جمع ورق ، وروق السحاب : سيله ، أي ألقت السماء بجميع ما فيها من المطر.