علي ممن خالفني فيه ، ثم أحل بكم فيه عقوبته ، ولا تجدوا عندي فيها رخصة ، فخذوا هذا من أمرائكم ، وأعطوا من أنفسكم هذا يصلح أمركم ، والسلام ».
٣٨٢ / ٣٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن خالد ، قال : حدثنا العباس بن الوليد ، قال : حدثنا محمد بن عمرو الكندي ، قال : حدثنا عبد الكريم بن إسحاق الرازي ، قال : حدثنا محمد بن يزداد ، عن سعيد بن خالد ، عن إسماعيل بن أبي أويس ، عن عبد الرحمن بن قيس البصري ، قال : حدثنا زاذان ، عن سلمان الفارسي ( رحمة الله عليه ) ، قال : لما قبض النبي صلىاللهعليهوآله وتقلد أبو بكر الامر ، قدم المدينة جماعة من النصارى يتقدمهم جاثليق له سمت (١) ومعرفة بالكلام ووجوهه وحفظ التوراة والإنجيل وما فيهما ، فقصدوا أبو بكر ، فقال له الجاثليق : إنا وجدنا في الإنجيل رسولا يخرج بعد عيسى ، وقد بلغنا خروج محمد بن عبد الله يذكر أنه ذلك الرسول ، ففزعنا إلى ملكنا فجمع وجوه قومنا ، وأنفذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا ، وقد فاتنا نبيكم محمد ، وفيما قرأناه من كتبنا أن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصياء لهم يخلفونهم في أممهم ، يقتبس منهم الضياء فيما أشكل ، فأنت أيها الأمير وصيه ، لنسألك عما نحتاج إليه؟
فقال عمر : هذا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله. فجثا الجاثليق لركبتيه ، وقال له : خبرنا ـ أيها الخليفة ـ عن فضلكم علينا في الدين ، فإنا جئنا نسال عن ذلك؟
فقال أبو بكر : نحن مؤمنون وأنتم كفار ، والمؤمن خير من الكافر ، والايمان خير من الكفر.
فقال الجاثليق : هذه دعوى تحتاج إلى حجة ، فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك؟
فقال أبو بكر : أنا مؤمن عند نفسي ، ولا علم لي بما عند الله.
قال : فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن ، أم أنا كافر عند الله؟
__________________
(١) الجاثليق : رئيس الأساقفة ، عند بعض طوائف المسيحية. والسمت. الهيئة والسكينة والوقار.