إلى إدواته (١) ، فإن للناس حيلا ، فإذا قارورة مختومة بموم (٢) ، فإذا فيها كتاب إلى عبد الله بن سعد : إذا جاءك كتابي هذا ، فاقطع أيدي الثلاثة مع أرجلهم.
فلما قرؤوا الكتاب رجعوا حتى أتوا عليا عليهالسلام ، فأتاه فدخل عليه ، فقال : استعتبك القوم فأعتبتهم ، ثم كتبت كتابك هذا ، نعرفه الخط الخط والخاتم الخاتم؟! فخرج علي عليهالسلام مغضبا وأقبل الناس عليه ، فخرج سعد من المدينة فلقيه رجل ، فقال : يا أبا إسحاق ، أين تريد؟ قال : إني قد فررت بديني من مكة إلى المدينة ، وأنا اليوم أهرب بديني من المدينة إلى مكة.
وقال الحسن بن علي عليهماالسلام لعلي عليهالسلام حين أحاط الناس بعثمان : اخرج من المدينة واعتزل ، فإن الناس لا بد لهم منك ، وإن هم ليأتونك ولو كنت بصنعاء اليمن ، وأخاف أن يقتل هذا الرجل وأنت حاضره. فقال : يا بني ، أخرج عن دار هجرتي ، وما أظن أحدا يجترئ على هذا القول كله.
وقام كنانة بن بشر ، فقال : يا عبد الله ، أقم لنا كتاب الله ، فإنا لا نرضى بالقول دون الفعل ، قد كتبت وأشهدت لنا شهودا ، وأعطيتنا عهد الله وميثاقه. فقال : ما كتبت بينكم كتابا ، فقام إليه المغيرة بن الأخنس ، فضرب بكتابه وجهه ، وخرج إليهم عثمان ليكلمهم ، فصعد المنبر ، فرفعت عائشة قميص رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ونادت « أيها الناس ، هذا قميص رسول الله لم يبل ، وقد غيرت سنته! » فنهض الناس ، وكثر اللغط ، وحصبوا عثمان حتى نزل من المنبر فدخل بيته ، فكتب نسخة واحدة إلى معاوية وعبد الله بن عامر : « أما بعد ، فإن أهل السفه والبغي والعدوان من أهل العراق ومصر والمدينة أحاطوا بداري ، ولن يرضيهم مني دون خلعي أو قتلي ، وأنا ملاق الله قبل أن أتابعهم على شئ من ذلك ، فأعينوني ».
فلما بلغ كتابه ابن عامر قام وقال : أيها الناس ، إن أمير المؤمنين عثمان ذكر أن
__________________
(١) الإدواة : إناء صغير من جلد.
(٢) الموم : الشمع ، معرب.