ذلك مع عدم المساواة في كثير من الصور نظر ، والتمسّك في عدم اعتبارها بعموم ما دلّ على عدم انفعال مقدار الكرّ بملاقاة النجاسة مدخول ، لأنّه من باب المفرد المحلّى باللام وقد بيّن في المباحث الاصوليّة أنّ عمومه ليس من حيث كونه موضوعا لذلك على حدّ صيغ العموم ، وإنّما هو باعتبار منافاة عدم إرادته الحكمة ، فيصان كلام الحكيم عنه.
وظاهر أنّ منافاة الحكمة حيث ينتفي احتمال العهد ، ولا ريب أنّ تقدّم السؤال عن بعض أنواع الماهيّة عهد ظاهر ، وهو في محلّ النزاع واقع ؛ إذ النصّ متضمّن للسؤال عن الماء المجتمع وحينئذ لا يبقى لإثبات الشمول لغير المعهود وجه » (١).
وقد يستظهر ذلك من كلام العلّامة ـ كما أشار إليه في شرح الدروس ـ ويقال : « إنّ كلام العلّامة في بحث الحمّام حيث اعتبر كرّيّة المادّة مطلقا ممّا يشعر به ؛ لأنّه لو لم يعتبر مساواة السطح لم يلزم كرّيّة المادّة وحدها ، بل إنّما يلزم أن يكون المجموع من المادّة والحوض الصغير والساقية بينهما كرّا.
لا يقال : ما ذكرتم أعمّ من المدّعى ؛ لأنّ اعتبار الكرّيّة مطلقا في المادّة يدلّ على أنّ عند المساواة أيضا يلزم كرّيّة المادّة ، فعلم أنّ الوجه غير ما ذكر.
لأنّا نقول : إطلاق الحكم إنّما هو بناء على الغالب ؛ إذ الغالب أنّ مادّة الحمّام أعلى ، ويؤيّده أنّه إنّما يمثّل في العلوّ بماء الحمّام كما فعله المصنّف في الذكرى (٢) » انتهى.
واجيب عنه : بأنّ اعتبار ذلك في مادّة الحمّام على فرض تسليمه لعلّه لخصوصيّة فيه لا تتعدّاه إلى غيره ممّا هو من محلّ البحث ، فلا وجه لجعل ذلك من العلّامة قرينة على أنّه قائل به مطلقا ، وأجاب عنه في شرح الدروس (٣) بوجوه :
الأوّل : ما يرجع محصّله إلى منع كون اعتبار الكرّيّة في مادّة الحمّام لأجل حفظ الحوض الصغير عن الانفعال بملاقاة النجاسة ، بل إنّما هو لأجل تطهيره بعد ما طرأه الانفعال ، نظرا إلى أنّ ماء الحمّام حكمه حكم الجاري في تطهير القليل المنفعل ولا يكون ذلك إلّا إذا كان المادّة وحدها كرّا ، إذ ما دون الكرّ لا يصلح لأن يطهّر الماء.
الثاني : ما يرجع ملخّصه إلى أنّ ذلك لعلّه لمراعاة ما هو الغالب في الحمّام من أنّ
__________________
(١) فقه المعالم ١ : ١٤٠ ـ ١٤١.
(٢) ذكرى الشيعة ١ : ٨٥.
(٣) مشارق الشموس : ٢٠٠.