يساعد عليه العرف وفهم أهل اللسان ، ويوافقه القواعد المحكمة المقرّرة في مظانّها.
فنقول : يمكن الاستدلال لمشترطي المساواة بصحيحة محمّد بن مسلم ـ المتقدّمة ـ المتضمّنة لقول السائل : « قلت له : الغدير ماء مجتمع إلخ » (١) القاضية باعتبار الاجتماع ، الّذي هو أخصّ من مساواة السطح.
ورواية الكافي المتضمّنة لقوله عليهالسلام « إذا كان الماء في الركيّ » (٢) نظرا إلى أنّ الركيّة ـ وهي البئر ـ ممّا لا يعقل فيه الاختلاف.
وصحيحة صفوان المشتملة على السؤال عن حياض ما بين مكّة والمدينة (٣) وصحيحة إسماعيل بن جابر (٤) وغيرها ممّا يتضمّن تحديد الكرّ بالمساحة على وجه لا يعقل معه عدم الاجتماع ويبعد عدم المساواة ، فلو لا هذه الامور معتبرة في نظر الشارع لما وردت الروايات على هذا النمط.
وأنت خبير بأنّه ليس شيء من ذلك بشيء ، بل كلّ من ذا أوهن من بيت العنكبوت ، على وجه لا يمكن التعويل عليها في إثبات مثل هذا الحكم ، المخرج على خلاف الأصل من جهات شتّى :
أمّا الأوّل من الوجوه فيدفعه : أنّ من المقرّر في المباحث الاصوليّة أنّ خصوصيّة المورد والسؤال لا تصلح مخصّصة للوارد والجواب ، بل العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحلّ ، وكما أنّ أفراد الغدير بالسؤال عنه لا يقتضي باختصاص الحكم به ولا ينافي شموله غيره كائنا ما كان ـ كما هو المجمع عليه هنا ويعترف به الخصم جدّا ـ فكذلك خصوصيّة الوصف الوارد معه في السؤال أيضا لا يقتضي بذلك ، كيف وأنّ الفرع لا يزيد على الأصل.
وإلحاقه بقاعدة مفهوم الوصف ـ لو قيل به ـ مدفوع بمنع حجّيّة ذلك المفهوم إلّا في مواضع ليس المقام منها ـ كما قرّر في محلّه ـ ومنع اعتباره هنا على فرض الحجّيّة ، من
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٥٩ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٥ ـ التهذيب ١ : ٤١٤ / ١٣٠٨ ـ الاستبصار ١ : ١١ / ١٧.
(٢) الوسائل ١ : ١٦٠ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٨ ـ الكافي ٣ : ٢ / ٤.
(٣) الوسائل ١ : ١٦٢ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ١٢ ـ التهذيب ١ : ٤١٧ / ١٣١٧.
(٤) الوسائل ١ : ١٦٤ ، ب ١٠ من أبواب الماء المطلق ١٤ ـ التهذيب ١ : ٤١ / ١٤.