حيث عدم وروده إلّا في كلام السائل ، والعبرة إنّما هو بما ورد في كلام المسئول وهو خال عن القيد ، ولا يلزم من عدم إرادته في الجواب خروجه عن المطابقة للسؤال ، لعدم انكشاف كون وروده في السؤال على وجه له مدخليّة في غرض السائل ، لقوّة احتمال ـ بل ظهور ـ كونه حكاية للواقعة حسبما وقعت في الخارج ، من دون التفات إلى مدخليّة الخصوصيّة وعدمها ، كما هو واقع وشائع في جميع العرفيّات وكافّة الأجوبة والسؤالات.
وأمّا الثاني : فقد تبيّن حاله بما ذكرنا ، فإنّ خصوصيّة أصل الركيّة ممّا لا مدخليّة له في الحكم فضلا عن الوصف الموجود فيها في نظر الوهم ، هذا مع توجّه المنع إلى ظهورها في الاجتماع أو المساواة ، لوضوح أنّ المذكور في الخطاب إنّما هو الركيّ ، وهو جمع « الركيّة » على ما عن الصحاح (١) و « الركيّة » هي البئر على ما في المجمع (٢) فيكون إطلاق الرواية قاضيا بأنّه لو كان المجموع من مياه آبار متعدّدة كرّا ـ كما قد يتّفق ذلك ـ كان كافيا في حكم عدم الانفعال فيفوت به اعتبار الاجتماع.
بل لك أن تقول : بمنع ظهوره في المساواة الّتي لا تتحقّق في مفروض المسألة غالبا إلّا بعدم الجريان ، وقد يتّفق كثيرا جريان المجتمع من مياه الآبار عن تحت الأرض كما في القنوات ، ولا ريب أنّ الإطلاق يشمله فترتّب عليه الحكم.
وأمّا الثالث : فالكلام فيه أيضا نظير ما عرفت ، فإنّه سؤال عن محلّ الابتلاء ، أو عمّا عساه يبتلى به ، من دون نظر إلى الخصوصيّات القائمة به ، فلا يوجب شيء منها وهنا في عموم الجواب الوارد عليه الماهيّة المطلقة الّتي حيثما وجدت أوجبت جريان الحكم المعلّق عليها.
وأمّا الرابع : فلأنّ المتبادر في نظائره بيان ضابط كلّي يرجع إليه في مواضع الشبهة ، وهو بلوغ الماء المشكوك في حاله بعد الجمع بحسب المساحة هذا المقدار ، من دون مدخل لخصوصيّة الوضع والشكل في الحكم ، كيف ولو صحّ المدخليّة لوجب الاقتصار على ما يخرج معه الحساب صحيحا مستقيما في جميع الأبعاد الثلاث على حسبما هو صريح التحديد ، من دون حاجة إلى الكسر وإضافة ما خرج في بعضها عن حدّه
__________________
(١) الصحاح ؛ مادّة « ركا » ٦ : ٢٣٦١.
(٢) مجمع البحرين ؛ مادّة « ركا » ١ : ١٩٤.