المضروب إلى ما نقص منها عن هذا الحدّ ، فيلزم أن لا يكون بما عدا المربّع من الأشكال المختلفة من المثلّثات والدوائر والمستطيلات والهلاليّات ونحوها عبرة في ترتيب أحكام الكرّ ، وهو في غاية البعد ، بل يشبه بكونه خلاف الإجماع بل خلاف الضرورة ، مع أنّ الاختلاف على وجه الانحدار الّذي يتحقّق مع جريان اليسير ـ خصوصا إذا لم يكن فاحشا ـ لا ينافي شيئا من تلك التحديدات.
سلّمنا ولكن جميع ما ذكر في تلك الوجوه يعارضه ظاهر روايات اخر واردة في هذا الباب ، كرواية محمّد بن مسلم المتضمّنة للسؤال عن الماء الّذي تبول فيه الدوابّ (١) ، وصحيحة عليّ بن جعفر المشتملة على السؤال عن الدجاجة والحمامة وأشباهها تطأ العذرة ثمّ تدخل الماء (٢) ، وصحيحة إسماعيل بن جابر المتضمّنة للسؤال عن الماء الّذي لا ينجّسه شيء (٣) ، فإنّ السؤال في كلّ ذلك ورد على وجه عامّ وطابقه الجواب ، مع اقترانه بترك الاستفصال من دون إشعار فيهما بشيء من الأحوال والخصوصيّات ، فلو لا الحكم عامّا لجميع الصور لكان ترك التنبيه على ما له مدخليّة ـ لو كان في مقام التعليم والبيان ـ منافيا للحكمة ، وهو كما ترى.
فلو سلّم عدم كون هذه بنفسها أظهر من الطرف المقابل كان غايته التساقط ، فتبقى الأخبار المطلقة الغير المسبوقة بالأسئلة كالنبويّ المتقدّم (٤) ، وصحيحة معاوية بن عمّار (٥) المشتملين ابتداء على قولهم عليهمالسلام : « إذا كان الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء » سليمة عن المعارض.
وينبغي التعرّض لوجه دلالة هذه على المطلوب ليتّضح المقام كمال الوضوح. فنقول : شبهة الخصم إمّا أن تنشأ عن توهّم قصور لفظة « الماء » عن الدلالة على ما يعمّ نظائر المقام ، أو تنشأ عن توهّم ذلك في لفظة « الكرّ » ، أو عن توهّم ذلك في الهيئة التركيبيّة
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٥٩ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٥ ـ التهذيب ١ : ٤١٤ / ١٣٠٨.
(٢) الوسائل ١ : ١٥٩ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٤ ـ التهذيب ١ : ٤١٩ / ١٣٢٦ ـ مسائل عليّ بن جعفر : ١٩٣ / ٤٠٣.
(٣) الوسائل ١ : ١٦٤ ، ب ١٠ من أبواب الماء المطلق ح ١ ـ التهذيب ١ : ٤١ / ١٤.
(٤) الفائق ١ : ١٦٤ ؛ غريب الحديث ـ للهروي ـ ١ : ٣٣٨.
(٥) الوسائل ١ : ١٥٨ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٢ ـ التهذيب ١ : ٤٠ / ١٠٩ بسند آخر.