شيء » (١) (٢) وهو كما ترى من أوهن الأشياء كما تنبّه عليه صاحب الحدائق (٣) ، لعدم ابتناء أحكام الشرع على أمثال هذه الدقائق ، بل العبرة فيها بما يساعد عليه العرف أو اللغة ، ولا ريب أنّ عروض الجمود للماء يخرجه عن صدق اسم المائيّة ، ويسلب عنه الإطلاق فلا يتناوله الحكم المعلّق عليه حينئذ.
نعم لو قيل بهذا الكلام في مثل الدهن والدبس ونحوهما ممّا لا يخرج بالجمود عن الصدق كان متّجها ، فيترتّب عليه بعد الجمود الأحكام الثابتة له قبل الجمود ، غير أنّ المقام ليس منه جزما ، فكان الأقوى بل المتعيّن تنجّس موضع الملاقاة في الجامد ، كما عليه الشهيد في الدروس (٤) ، والمحقّق الخوانساري في شرحه (٥) ، واختاره في الحدائق (٦) ، وعزى استظهاره إلى بعض المحقّقين ، وعليه طهره كطهر سائر الجوامد ، فيحصل تارة بإلقاء العين مع ما يكتنفها إن كانت ذات عين ، واخرى باتّصاله بالجاري أو الكثير ، أو وقوع المطر عليه مع زوال العين في الجميع ، وثالثة بصبّ الماء القليل عليه على حدّ ما يتطهّر به سائر الجوامد.
السادس : الماء إذا كان كرّا وتغيّر بعضه فالجميع نجس إن كانت سطوحه مستوية ، وإلّا اختصّت النجاسة بالأسفل إن لم يكن موضع التغيّر هو الأعلى ، لإجماعهم على عدم السراية إليه ، وإن كان زائدا على الكرّ فتغيّر بعضه فإمّا أن يكون الباقي مقدار الكرّ أو أزيد منه أو أنقص ، وعلى التقادير فإمّا أن يستوعب النجاسة عمود الماء ـ وهو خطّ ما بين حاشيته عرضا وطولا ـ أو لا ، وعلى التقادير فإمّا أن يكون سطوحه مستوية أو مختلفة.
ومحصّل أحكام تلك الصور : أنّ الجميع في صورة النقصان مع استواء السطوح نجس ، ومع اختلافها كانت النجاسة مختصّة بالأسفل ، من غير فرق فيهما بين استيعاب العمود وعدمه ، كما أنّ الجميع في غير صورة عدم النقصان مع عدم استيعاب العمود طاهر ، من غير فرق بين استواء السطوح وعدمه ، وأمّا مع الاستيعاب فإن كانت الكرّيّة قائمة بمجموع الطرفين كان الجميع مع الاستواء والأسفل خاصّة مع الاختلاف نجسا ،
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٥٨ ، ب ٩ أبواب الماء المطلق ح ٢.
(٢) منتهى المطلب ١ : ١٧٢ نقلا بالمعنى.
(٣) الحدائق الناضرة ١ : ٢٤٩.
(٤) الدروس الشرعيّة ١ : ١١٨.
(٥) مشارق الشموس : ٢٠٤.
(٦) الحدائق الناضرة ١ : ٢٤٨.