الأدلّة القائمة بطهارة الماء إلّا ما علم منه بخروجه كما تقدّم ، والقاعدة العامّة المقتضية لكون كلّ شيء مخلوقا لأجل الانتفاع ، واستصحاب الطهارة ، وأصالة البراءة عن الاجتناب عمّا يشكّ في نجاسته بالملاقاة ممّا يزيد على الرطل العراقي ، وإنّما ذكرنا ذلك لورود الاحتجاج في كلامهم بكلّ من هذه الوجوه المذكورة على الاستقلال كما تعرفه.
الثاني : ما حكاه في المناهل (١) : من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء إلّا ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه » (٢) فإنّه يدلّ على عدم انفعال الماء بالملاقاة مطلقا ولو كان دون العراقي ، لكنّه خرج عن هذا العموم بالدليل ، ولا دليل على خروج العراقي ، فالأصل بقاؤه على العموم.
الثالث : ما حكاه في الكتاب (٣) أيضا من أنّ قوله عليهالسلام : « كلّ ماء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر » (٤) ، يدلّ على أنّ اللازم الحكم بطهارة الماء في مقام الشكّ في طهارته ونجاسته ، ومحلّ البحث منه.
الرابع : ما حكاه في شرح الدروس (٥) وأنّ الأصل طهارة الماء ، لأنّه خلق للانتفاع والانتفاع بالنجس لا يصحّ.
الخامس : ما حكاه في المناهل (٦) أيضا من أنّ حدّ العراقي قبل ملاقاته النجس كان طاهرا ومطهّرا ، فالأصل بقاؤهما حتّى يثبت المزيل لهما ، ولم يثبت بالنسبة إليه.
والسادس : ما تمسّك به في المدارك (٧) وحكاه في الحدائق (٨) من أنّ الأقلّ متيقّن والزائد مشكوك فيه فيجب نفيه بالأصل ، يعني أصل البراءة كما صرّح به عند التعرّض لدفعه ، كما سيأتي الإشارة إليه.
والسابع : ما حكاه في المناهل (٩) أيضا من أنّ قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) (١٠) إلخ ،
__________________
(١) المناهل ـ كتاب الطهارة (مخطوط) ـ الورقة : ١٠٦.
(٢) سنن البيهقي ١ : ٢٥٩ ـ سنن الدارقطني ١ : ٢٨ ، كنز العمّال ٩ : ٣٩٦ ح ٢٦٦٥٢ ، مجمع الزوائد ١ : ٢١٤ باختلاف يسير ، نيل الأوطار ١ : ٣٥.
(٣ و ٦ و ٩) المناهل ـ كتاب الطهارة (مخطوط) ـ الورقة : ١١٠.
(٤) الوسائل ١ : ١٣٣ ، ب ١ من أبواب الماء المطلق ح ٢ ـ الفقيه ١ : ٦ / ١.
(٥) مشارق الشموس : ١٩٦.
(٧) مدارك الأحكام ١ : ٤٨.
(٨) الحدائق الناضرة ١ : ٢٥٤.
(١٠) النساء : ٤٣.