يدلّ بمفهومه على أنّه إذا وجد الماء لم يجب التيمّم فيجب الطهارة المائيّة ، وهو عامّ يشمل المفروض ، وخروج ما دون العراقي من العموم لا يمنع من التمسّك به بالنسبة إليه.
والثامن : ما حكاه فيه أيضا (١) ـ واعتمد عليه غير واحد ، منهم شيخنا في الجواهر (٢) ـ من شيوع إطلاق الرطل في كلامهم عليهمالسلام وإرادة العراقي منه عند الإطلاق ، كما يشير إليه خبر الكلبي النسّابة (٣) أنّه سأل أبا عبد الله عليهالسلام عن النبيذ؟ فقال : « حلال ، فقال : إنّا نبذه فنطرح فيه العكر ، وما سوى ذلك ، شه شه ، تلك الحمرة المنتنة ، قلت : جعلت فداك فأيّ نبيذ تعني؟ فقال إنّ أهل المدينة شكوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تغيّر الماء وفساد طبائعهم فأمرهم أن ينبذوا ، فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له ، فيعمد إلى كفّ من تمر فيقذف في الشنّ (٤) ، فمنه شربه ومنه طهره.
فقلت : وكم كان عدد التمر الّذي في الكفّ؟ فقال : ما حمل الكفّ ، قلت : واحدة أو اثنتين؟ فقال ربّما كانت واحدة وربّما كانت اثنتين ، فقلت : وكم كان يسع الشنّ ماء؟ فقال : ما بين الأربعين إلى الثمانين ، إلى ما فوق ذلك فقلت : بأيّ الأرطال؟ فقال : أرطال مكيال العراق » (٥).
فإنّه عليهالسلام أطلق وأراد به العراقي قبل أن يسأله السائل ، ولو لم يسأله لأعتمد على ذلك الإطلاق.
والتاسع : ما اعتمد عليه في المدارك (٦) ، من أنّ ذلك هو المناسب لرواية الأشبار الثلاثة ، وقرّره في المختلف ـ معتمدا عليه ـ : « بأنّ الأرطال العراقيّة تناسب رواية
__________________
(١) المناهل ـ كتاب الطهارة (مخطوط) ـ الورقة : ١١٠.
(٢) جواهر الكلام ١ : ٣٤١.
(٣) الكلبي النسّابة : مشترك بين هشام بن محمّد بن السائب بن بشر بن زيد ... بن كلب بن مرّة الناسب ، العالم بالأيّام ، المشهور بالفضل والعلم ، وكان يختصّ بمذهبنا وكان أبو عبد الله عليهالسلام يقرّبه ، المتوفّى سنة (٢٠٦ ه) وقيل : سنة (٢٠٤ ه) ، وبين أبيه محمّد بن السائب الّذي عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الباقر والصادق عليهماالسلام ، المتوفّى سنة (١٤٦ ه) والغالب التعبير عن هشام بابن الكلبي وأيضا المناسب لترك لفظة « الابن » أن يكون الراوي هو الأب دون الابن. والله العالم. رجال النجاشي : ٤٣٤ ـ تاريخ بغداد ١٤ : ٤٦ ـ رجال الطوسي : ١٣٦ ، ٢٨٩.
(٤) الشّنّ : القربة الخلق. الصحاح : مادّة « شنن ».
(٥) الوسائل ١ : ٢٠٣ ، ب ٢ من أبواب الماء المضاف ح ٢ ـ الكافي ١ : ٢٨٣ / ٦ ـ التهذيب ١ : ٢٢٠ / ٦٢٩ ـ الاستبصار ١ : ١٦ / ٢٩.
(٦) مدارك الأحكام ١ : ٤٨.