أحد أوصافه الثلاث ـ : « بأنّه يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون المراد بالركي المصنع الّذي لا يكون له مادّة بالنبع دون الآبار الّتي لها مادّة ، فإنّ ذلك هو الّذي يراعى فيه الاعتبار بالكرّ على ما بيّناه.
والثاني : أن يكون ذلك ورد مورد التقيّة ؛ لأنّ من الفقهاء من سوّى بين الآبار والغدران في قلّتها وكثرتها ، فيجوز أن يكون الخبر ورد موافقا لهم ، والّذي يبيّن ذلك أنّ الحسن بن صالح راوي هذا الحديث زيدي بتري متروك الحديث فيما يختصّ به (١) انتهى ».
وفي الوجه الأخير ما لا يخفى من البعد الواضح ، إذ لو صحّ حكاية التقيّة لوجب التقدير بالقلّتين ونحوهما ممّا صار إليه العامّة في تقدير الكثير ، دون الكرّ الّذي يختصّ التقدير به بالخاصّة خلافا للعامّة ، وعلى أيّ حال كان فاعترض على الرواية الاولى بالطعن في سندها ودلالتها معا.
أمّا الأوّل : فالّذي أكثر في ذلك الطعن صاحب المدارك في قوله : « وهي ضعيفة السند بأحمد بن محمّد بن يحيى فإنّه مجهول ، وعثمان بن عيسى فإنّه واقفي ، وأبي بصير وهو مشترك بين الثقة والضعيف ، ثمّ قال : وقد اعترف بذلك المصنّف رحمهالله في المعتبر ، فقال : وعثمان بن عيسى واقفي فروايته ساقطة » (٢). انتهى.
وذكر العلّامة أيضا في المختلف (٣) بمثل ما عرفت عن المعتبر.
وأمّا الثاني : فلأنّها خالية عن تحديد العمق ، فلا يوافق مذهبهم في اعتبار كلّ من الأبعاد الثلاث على النهج المتقدّم.
واجيب عن الأوّل تارة : بانجبار ضعفها بالشهرة والإجماع المنقول ، وممّن أشار إلى ذلك في الجملة العلّامة في المنتهى ، فقال : « هذه الرواية عمل عليها أكثر الأصحاب ، إلّا أنّ في طريقها عثمان بن عيسى وهو واقفي ، لكنّ الشهرة يعضدها » (٤). واخرى : بأنّ الموجود في الكافي إنّما هو أحمد بن محمّد ، والظاهر أنّه ابن عيسى ، خصوصا مع رواية محمّد بن يحيى العطّار عنه ، وروايته عن عثمان بن عيسى.
نعم نقل عن التهذيب (٥) أنّه أثبت « يحيى » ، والظاهر أنّه من الناسخ أو أنّه تصحيف
__________________
(١) الاستبصار ١ : ٣٣ ذيل الحديث ٩.
(٢) مدارك الأحكام ١ : ٤٩.
(٣) مختلف الشيعة ١ : ١٨٤.
(٤) منتهى المطلب ١ : ٣٩.
(٥) التهذيب ١ : ٤٢ / ١١٦.