ومنها : اندفاع ما قيل (١) على الرواية ـ قبالا لما تقدّم في تقرير الاعتراض ـ من أنّ القول بعدم تحديد العمق في الخبر لا وجه له ، بل لو كان عدم تحديد فإنّما هو في العرض.
بيانه : أنّ قوله : « ثلاثة أشبار ونصف » الّذي بدل من مثله إذا كان حال العرض فيكون في عمقه كلاما منقطعا منها ، فتأمّل ، إلّا أن يكون المراد في عمقه كذلك ، وحينئذ يظهر تحديد العمق أيضا ، فيكون التحديد للعرض دون العمق ممّا لا وجه له ، بل الظاهر أنّ ثلاثة أشبار ونصف بدل من مثله ، وفي عمقه حال من مثله أو بدله أو نعت لهما ، وحينئذ يكون العمق محدّدا والعرض مسكوتا عنه.
ومنها : اندفاع ما اعترض أيضا (٢) على دلالة الرواية بأنّه يجوز أن يكون المراد من ثلاثة أشبار الأوّل تحديد قطر الماء الّذي هو عبارة عن مجموع الطول والعرض ، والثاني تحديد عمقه ، وحينئذ لم يكن اكتفاء في الكلام ، ولم يتمّ استدلالهم بهذا الخبر على مطلوبهم ، إذ لم يبلغ تكسير هذا القدر إلى ما اعتبروه.
ومنها : اندفاع ما عن المحقّق البهبهاني في حاشية المدارك (٣) من أنّ في دلالتها على المشهور نظرا من حيث عدم اشتمالها على الأبعاد الثلاثة ، وليس هو من قبيل قولهم : « ثلاثة في ثلاثة » لشيوع هذا الإطلاق وإرادة الضرب في الأبعاد الثلاثة ، لوجود الفارق وهو عدم ذكر شيء من الأبعاد بالخصوص في المثال بخلاف الرواية حيث صرّح فيها ببعد العمق ، فيكون البعد الآخر هو القطر ويكون ظاهرا في الدوري ، ويؤيّده أنّ الكرّ مكيال العراق والمعهود منه الدوري ، وكذا رواية ابن صالح الثوري (٤) الواردة في الركي ؛ إذ لا قائل بتفاوت الكرّيّة ، فيكون الحاصل منهما كون الكرّ ثلاثة وثلاثين شبرا ونصفا وثمنا ونصف ثمن ، ولا قائل به بخصوصه.
ومنها : عدم الافتقار إلى الاستدلال بالرواية المشار إليها حتّى يحتاج في تتميم دلالتها على المطلوب إلى تكلّف أن يقال : إنّ المراد بالعرض السعة فيشمل الطول أيضا.
أو يقال : إنّ العرف شاهد في مثل هذا المقام أنّ الطول أيضا كذلك ، للاكتفاء في
__________________
(١ و ٢) نقله المحقّق الخوانساري في مشارق الشموس ١ : ١٩٧.
(٣) حاشية البهبهاني على مدارك الأحكام ١ : ٩٦.
(٤) الوسائل ١ : ١٦٠ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٨ ـ الكافي ٣ : ٢ / ٤ ـ التهذيب ١ : ٤٠٨ / ١٢٨٢.